الآيتين (١) نزلتا فى أبى سلمة بن عبد الأسد ، وكان من فضلاء المؤمنين ، وفى أخيه أسود ؛ وكان من عتاة الكافرين ؛ ولفظها أعمّ من ذلك.
فإن قيل : كيف قال فى الكافر هنا إنه يؤتى كتابه وراء ظهره ، وقال فى الحاقة بشماله؟
فالجواب من وجهين :
أحدهما أن يديه تكونان مغلولتين إلى عنقه ، وتجعل شماله وراء ظهره ، فيأخذ بها كتابه.
وقيل : تدخل يده اليسرى فى صدره ، وتخرج من ظهره ، فيأخذ بها كتابه.
(ما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢)) : الضمير لكفّار قريش ، يعنى أىّ شىء يمنعهم عن الإيمان؟
(ما نَقَمُوا مِنْهُمْ ... (٣)) الآية ؛ أى ما أنكر الكفّار على المؤمنين إلا أنهم آمنوا بالله. وهذا لا ينبغى أن ينكر. وهذا كقوله (٤) : (وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) ؛ أى ما عابوا إلا الغنى الذى كان حقّه أن يشكروا عليه ؛ وذلك فى الجلاس ، أو فى عبد الله بن أبىّ.
فإن قلت : لم قال : أن يؤمنوا ـ بلفظ المضارع ، ولم يقل آمنوا بلفظ الماضى ؛ لأن القصة قد وقعت؟
فالجواب أن التعذيب إنما كان على دوامهم على الإيمان ، ولو كفروا
__________________
(١) يريد بالآيتين : فأما من أوتى كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا. وينقلب إلى أهله مسرورا. وأما من أوتى كتابه وراء ظهره فسوف يدعو ثبورا ويصلى سعيرا.
(٢) الانشقاق : ٢٠
(٣) البروج : ٨
(٤) التوبة : ٧٤