وقد صحّ أنّ من كان فى الطبق الأول تناديه الملائكة : ويل يومئذ للمكذبين. وتنادى من كان فى الثانى : فويل للمصلّين الذين هم عن صلاتهم ساهون. وفى الثالث : ويل لكل همزة لمزة. وفى الرابع : فويل لهم مما كسبت أيديهم. وفى الخامس : وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة. وفى السادس : فويل (١) للقاسية قلوبهم من ذكر الله. وفى السابع : ويل للمطفّفين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون.
(من شاءَ ذَكَرَهُ (٢)) : فاعل شاء ضمير يعود على من ، وفى ذلك حضّ وترغيب. وقيل الفاعل هو الله ، ثم قيّد فعل العبد بمشيئة الله.
فإن قلت : ما وجه مخالفة هذه الآية لسورة عبس وسورة الإنسان (٣)؟
فالجواب أن ضمير التذكير هنا لما تقدم من الكلام أو للقرآن بجملته ، والمذكّر به عظة أو موعظة ، وهو أيضا وعظ وتنبيه ؛ فتارة تراعى العرب فى مثل هذا جهة التذكير ، وتارة تراعى جهة التأنيث ، فتحمل الضمير على ما تدعيه من تذكير أو تأنيث.
فإن قلت : كيف طابق قوله : ما سلككم ـ وهو سؤال للمجرمين ـ قوله (٤) : يتساءلون. عن المجرمين ؛ وهو سؤال عنهم ؛ وإنما كان يتطابق ذلك لو قيل : يتساءل المجرمون ما سلككم؟
قلت : ما سلككم ليس ببيان التساؤل [١٨٠ ب] عنهم ؛ وإنما هى
__________________
(١) الزمر : ٢٢
(٢) المدثر : ٥٥
(٣) فى عبس (١١ ، ١٢) : كلا إنها تذكرة. فمن شاء ذكره. وفى الإنسان (٢٩) : إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا.
(٤) فى الآية قبلها من سورة المدثر (٤٠ ، ٤١) : فى جنات يتساءلون. عن المجرمين.