إلا اثنا عشر رجلا. قال جابر بن عبد الله : أنا أحدهم ؛ وذكر بعضهم أن منهم عشرة المشهود لهم بالجنة.
واختلف فى الثانى عشر فقيل عبد الله بن مسعود. وقيل عمّار بن ياسر ، وقيل : إنما بقى معه صلىاللهعليهوسلم ثمانية. وروى أنه صلىاللهعليهوسلم قال : لو لا هؤلاء لقد كانت الحجارة مسوّمة فى السماء على الناقضين.
فإن قلت : ما بال الصحابة الموصوفين بالصلاح والعفاف يهرعون للعير ويدعون أشرف الخلق على منبره يعظهم ويذكرهم؟
فالجواب أنّ ذلك منهم كان عند هجرته صلىاللهعليهوسلم إليهم ، ولم يوقر الإيمان فى صدورهم ، وكانت مسغبة (١) عظيمة ، ولهم عيال يطلبونهم ؛ فلكثرة فرحهم بسرور عيالهم وعلمهم بحسن خلق نبيهم وأنه بعثه الله رحمة لهم وميسّرا لدينهم ، خرجوا لنظر العير ؛ هل أتى بطعام كثير يفرحون بهم أهاليهم؟ ولأنهم كانوا قد صلّوا معه صلىاللهعليهوسلم الصلاة المفروضة ، وظنهم أنّ الخطبة ليست من شرط الصلاة ، وأنهم سيرجعون إليه صلىاللهعليهوسلم بعد نظرهم ، وإلّا لو علموا وجوب ذلك عليهم لآثروه على أنفسهم وأولادهم ؛ ألم تسمع إلى قولهم فى غزوة بدر لمّا استشارهم صلىاللهعليهوسلم فى القتال : نحن أسيافك القاطعة ، ودروعك المانعة ، إن خضت بحرا خضناه معك ؛ وإن قاتلت ندفع عنك ، ولسنا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى : اذهب أنت وربّك فقاتلا ، ولكن نقول لك : اذهب أنت وربك فقاتلا إنّا معكما مقاتلون.
فإن قلت : لم قال (٢) : انقضّوا إليها ـ بضمير المفرد ، وقد ذكر التجارة
__________________
(١) مسغبة : مجاعة.
(٢) الجمعة : ١١