(مَوَدَّةً (١)) : أى محبة ، وقد كملت فى فتح مكة ؛ فإنه أسلم حينئذ سائر قريش. وقيل المودة تزوّج النبىّ صلىاللهعليهوسلم أمّ حبيبة بنت أبى سفيان ابن حرب. وردّ ابن عطية هذا القول بأن تزوج أم حبيبة كان قبل نزول هذه الآية.
وبالجملة لما أمر الله المسلمين بمعاداة الكفار ومقاتلتهم امتثلوا ذلك على ما كان بينهم وبين الكفار من القرابة ، فعلم الله صدقهم ؛ فآنسهم بهذه الآية ، ووعدهم أن يجعل بينهم مودة.
(مِثْلَ ما أَنْفَقُوا (٢)) ؛ أى اطلبوا من الكفار ما أنفقتم من الصدقة على أزواجكم اللاتى فررن إلى الكفار ، وليطلب الكفار منكم (ما أَنْفَقُوا) على أزواجهم اللاتى هاجرن إلى المسلمين.
فإن قلت : يفهم من تكرر هذه الآية بقاء حكمها.
والجواب أنه لما قال الله (٣) : (وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا). قال الكفار : لا نرضى بهذا الحكم ، ولا نعطى صداق من فرّت زوجته إلينا من المسلمين ؛ فأنزل الله هذه الآية الأخرى. وأمر المسلمين أن يدفعوا الصداق لمن فرّت زوجته إلى الكفار من المسلمين ، ويكون هذا النوع من مال الغنائم على قول من قال : إنّ معنى : (فَعاقَبْتُمْ) : غنمتم. وقيل من مال الفيء. وقيل من الصدقات التى كانت تدفع للكفار إذا فر أزواجهم إلى المسلمين ؛ فأزال الله دفعها إليهم حين لم يرضوا حكمه.
وهذه الأحكام التى تضمنتها هذه الآيات قد ارتفعت ؛ لأنها نزلت فى قضايا
__________________
(١) الممتحنة : ٧
(٢) الممتحنة : ١١
(٣) الممتحنة : ١٠