أحدهما ـ تعداد
النعمة عليه صلىاللهعليهوسلم ، بأن علّمه الله ما لم يكن يعلم.
والآخر احتجاج
على نبوءته ، لكونه أتى بما لم يكن يعلمه ولا تعلّمه من أحد.
فإن قلت : أما
عدم درايته للكتب فلا إشكال. وأما الإيمان فلا إشكال أن الأنبياء مؤمنون بالله قبل
مبعثهم ، لكنه وقع الخلاف فى نبينا ؛ هل كان متديّنا بشريعة من قبله أو بشريعته؟
والجواب
الإيمان يحتوى [١٧٣ ب] على معارف كثيرة ؛ وإنما كمل له معرفتها بعد بعثه. وقد كان
مؤمنا بالله قبل ذلك ؛ فالإيمان هنا يعنى به كمال المعرفة ؛ وهى التى حصلت له
بالنبوءة ؛ ولهذا أشار صلىاللهعليهوسلم بقوله : كلّ يوم لا أزداد فيه علما لا بورك فى صبيحة ذلك اليوم ؛
فكان صلىاللهعليهوسلم يزداد كل يوم من المعارف ما لا يحصى ذكره. وأما فى
الجنة. فلا تسأل عما تنكشف له من المعارف اللدنّية والأسرار الربانية ، ويفيض منها
على هذه الأمة المحمدية ، لكل واحد منهم نصيب بقدر ما اتّبعه واقتدى به ؛ فهم
يزدادون معارف وجمالا وبهجة وسرورا ، ما لا يحيط بها إلا واهبها ، جعل الله لنا
منها أوفر نصيب بجاه النبى الحبيب.
(مَضى مَثَلُ
الْأَوَّلِينَ )
؛ أى تقدم لك
يا محمد كيف أهلكنا القرون السالفة ، والأمم الماضية ، لما كفروا وتمرّدوا ؛ وهكذا
من عاندك ؛ ففيه تسلية له صلىاللهعليهوسلم.
__________________