ومن الأحزاب معناه من جملة الأحزاب الذين تعصّبوا للباطل فهلكوا.
(ما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً (١)) : المراد بهؤلاء قريش ومن تبعهم. والصيحة الواحدة : النفخ فى الصّور. وقيل : ما أصابهم من قتل وشدائد ؛ وهو أظهر ؛ لأن من مات فقد قامت قيامته ؛ وقد ورد فى الحديث.
(مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (٢)) : بضم النون وإسكان الصاد ، وبفتحها وإسكان الصاد ، وبضم النون والصاد ، وبفتحهما ؛ بمعنى المشقة. وهذا من كلام أيوب لمّا سلّط الله عليه الشيطان ليفتنه ، وأهلك ماله وولده ، ووسوس فلبه ، استغاث ودعا الله بتفريج كربه خوفا من فتنته.
فإن قلت : أين هذا من قوله تعالى (٣) : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ) ؛ وأىّ قدرة للشيطان حتى ينسب ما أصابه من البلاء إليه؟
فالجواب أنه صبر على ما أصابه فى المال والولد والنفس ، فلما وصل إلى الوسوسة استغاث ؛ ويكفيك من صبره أن الله قرنه بنون العظمة وهاء الضمير ، فلا يعتقد فى رسول الله غير ذلك ، ونسبة الفعل للشيطان على جهة نسبة الشر إليه ؛ كقول موسى (٤) : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ). ((٥) هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ). وقوله صلىاللهعليهوسلم لما نام ليلة الوادى : إن بهذا الوادى شيطانا فهو تنسب إليه الشرور. ولذلك يتبرأ يوم القيامة ممن أطاعه ، ويقول (٦) : (ما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي). فالنسبة إليه نسبة مجازية ، كما أن نسبة الخير إلى الله حقيقة. وقد صحّ أنّ التائبين يمرون يوم القيامة تحت لواء آدم [١٧٢ ا] ، والشاكرين تحت لواء نوح ،
__________________
(١) ص : ١٥
(٢) ص : ٤١
(٣) ص : ٤٤
(٤) الكهف : ٦٣
(٥) القصص : ١٥
(٦) إبراهيم : ٢٢