فإن قلت : كيف يصح أن يقال الله نور السموات والأرض ، فأخبر أنه هو النور ، ثم أضاف النور إليه فى قوله : مثل نوره ، والمضاف غير المضاف إليه؟
فالجواب أن ذلك يصح مع التأويل الذى قدمناه : أى الله منوّر السموات والأرض. أو كما تقول : زيد كريم ، ثم تقول يعيش الناس بكرمه ؛ فإن كان معنى نور السموات والأرض النور المدرك بالأبصار فمعناه أن الله خلق النور فيهما من الشمس والقمر والنجوم. أو أنه خلقهما وأخرجهما من العدم إلى الوجود ؛ فإنما ظهرت به كما تظهر الأشياء بالضوء. ومن هذا المعنى قرأ على بن أبى طالب نوّر السموات والأرض ـ بفتح النون والواو والراء مع تشديد الواو ، أى جعل فيهما النور. وإن أراد بالنور المدرك بالقلوب ؛ فمعنى نور السموات والأرض : أى جاعل النور فى قلوب أهل السموات والأرض ؛ ولذلك قال ابن عباس : معناه هادى أهل السموات والأرض.
(مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ ... (١)) الآية. قال ابن عباس : معناه من يطع الله فى فرائضه ، ورسوله فى سننه ، ويخشى الله فيما مضى من ذنوبه ، ويتّقيه فيما يستقبل.
وسأل بعض الملوك عن آية كافية جامعة ، فذكرت له هذه الآية ، وسمعها بعض بطارقة الروم فأسلم ، وقال : إنها جمعت كلّ ما فى التوراة والإنجيل.
(ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ (٢)) : يعنى أن الله أباح [١٦٢ ب] للوكلاء والأجراء والعبيد الذين يمسكون خزائن الأموال. وقيل المراد ما ملك الإنسان من خزائن نفسه ؛ وهذا ضعيف.
__________________
(١) النور : ٥٢
(٢) النور : ٦١