وروى أن امرأته ولدت بعد ستة وعشرين ابنا ، وإلى هذه الإشارة بقوله تعالى (١) : (وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا). وإنما وصف الرحمة بالعندية فى هذه الآية لأنه بالغ فى التضرع والدعاء ؛ فقابله سبحانه بالمبالغة ؛ لأن لفظ (عِنْدِنا) حيث جاء يدل على أنه سبحانه يتولّى ذلك من غير واسطة.
ولما بدأ القصة فى ص بقوله تعالى (٢) : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا) ختم بقوله (٣) : (مِنَّا) ؛ ليكون آخر الآية مطابقا لأول الآية.
(ما هُمْ بِسُكارى (٤)) : نفى لحقيقة السكر ؛ وقرئ سكرى ، والمعنى متفق.
(مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ (٥)) : نزلت فى قوم من الأعراب كان أحدهم إذا أسلم فاتّفق له ما يعجبه فى ماله وولده قال : هذا دين حسن ، وإذا اتفق له خلاف ذلك تشاءم به وارتد عن الإسلام ؛ فالحرف هنا كناية [عن القلق والاضطراب](٦). وأصله من الانحراف عن الشيء ، أو من الحرف بمعنى الطرف ، أى أنه فى طرف من الدين لا فى وسطه.
(ما لا يَضُرُّهُ (٧)) : يعنى الأصنام ، و (يَدْعُوا) بمعنى يعبد فى الموضعين (٨).
فإن قلت : قد وصف الأصنام بأنها لا تضر ولا تنفع ، ثم وصفها بأن (٩) ضرها أقرب من نفعها ، فنفى الضر ثم أثبته.
__________________
(١) الأنبياء : ٨٤
(٢) ص : ٤١
(٣) ص : ٤٣
(٤) الحج : ٢
(٥) الحج : ١١
(٦) من الكشاف : ٢ ـ ٥٧
(٧) الحج : ١٢
(٨) الحج : ١٢ ، ١٣
(٩) فى الآية (١٣) بعدها : يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ.