(مَنْ فِيهِنَ (١)) الضمير يعود على السموات والأرض ، ومعناها أن جميع من فى السموات والأرض يسبّح له ؛ من صامت وناطق.
واختلف فى كيفية هذا التسبيح ؛ فقيل : بما تدل عليه صنعتها من قدرته وحكمته. وقيل : إنه تسبيح حقيقة. وهذا أرجح لقوله (٢) : (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ).
(مَسْحُوراً (٣)) : قيل معناه جنّ فسحر. وقيل معناه ساحر. وقيل هو من السّحر بفتح السين ، أى بشرا ذا سحر (٤) مثلكم ؛ وهذا بعيد.
(مَحْذُوراً (٥)) : من الحذر ، وهو الخوف.
(ما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ ... (٦)) : الآيات هنا المراد بها ما يقترحها الكفار.
وسبب نزولها أن قريشا اقترحوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يجعل لهم الصّفا (٧) ذهبا ، فأخبره الله أنه لم يفعل ذلك لئلا يكذّبوا بها فيهلكوا. وعبّر بالمنع عن ترك ذلك ، (وأَنْ نُرْسِلَ) فى موضع نصب. (وأَنْ كَذَّبَ) فى موضع رفع. ثم ذكر ناقة ثمود تنبيها على ذلك ؛ لأنهم اقترحوها ، وكانت سبب هلاكهم. ومعنى (مُبْصِرَةً) واضحة الدلالة.
(ما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً (٨)) : إن أراد بالآيات هنا المقترحة فالمعنى أنه يرسل بها تخويفا من العذاب العاجل ، وهو الإهلاك ؛ وإن أراد المعجزات غير المقترحة فالمعنى أنه يرسل بها تخويفا من عذاب الآخرة ليراها الكافر فيؤمن.
__________________
(١) الإسراء : ٤٤
(٢) الإسراء : ٤٤
(٣) الإسراء : ٤٧
(٤) السحر : ويحرك ، ويضم : الرئة
(٥) الإسراء : ٥٧
(٦) الإسراء : ٥٩
(٧) جبل بمكة.
(٨) الإسراء : ٥٩