(ما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (١)) : لما ذكر الشراء على الإطلاق ذكر ما يتبعه من الربح والخسران ، وإسناد عدم الربح إلى التجارة مجاز ، لأن الرابح والخاسر هو المتاجر. قال الزمخشرى (٢) : نفى الربح فى قوله : فما ربحت ؛ ونفى سلامة رأس المال فى قوله (٣) : (وَما كانُوا مُهْتَدِينَ).
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً (٤)) : أى أوقد. وقيل طلب الوقود ، وإن كان المثل هنا بمعنى حالهم وصفتهم فالكاف للتشبيه ؛ وإن كان المثل بمعنى الشبه فالكاف زائدة.
فإن قيل : ما وجه تشبيه المنافقين بصاحب النار التى أضاءت ثم أظلمت؟
فالجواب من ثلاثة أوجه :
أحدها ـ أن منفعتهم فى الدنيا بدعوى الإيمان شبيه بالنور ، وعذابهم فى الآخرة شبيه بالظلمة بعده.
الثانى : أنّ اختفاء (٥) نور كفرهم كالنور وفضيحتهم بعده كالظلمة.
الثالث : أن ذلك فيمن آمن منهم ، ثم كفر ؛ فإيمانه نور وكفره بعده ظلمة ؛ ويرجّح هذا قوله : ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا.
فإن قيل : لم قال (٦) : (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ). ولم يقل ذهب الله بضوئهم ، مشاكلة لقوله : فلما أضاءت؟
فالجواب أن ذهاب النور أبلغ ؛ لأنه إذهاب للقليل والكثير ، بخلاف الضوء فإنما يطلق على الكثير.
__________________
(١) البقرة : ١٦
(٢) الكشاف : ١ ـ ٣٠
(٣) فى الآية نفسها : ١٦
(٤) البقرة : ١٧
(٥) هذا بالأصلين.
(٦) البقرة : ١٧