قلت : هذا فى المال ، [١٥٧ ب] ، وأما عقوبة البدن فلا خلاف أنّ العفو أفضل للآيات الكثيرة ، كقوله (١) : (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ). وقوله (٢) : (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ). والحديث : ما ازداد رجل بالعفو إلا عزّا. وفى حديث : فيقوم العافون عن الناس. والتحريض على العفو لا يحصى ذكره.
ويحكى عن الشيخ أبى الحسن الزبيدى رحمهالله أنه كان يوما ببيت الأشياخ فى زاويته ، وإذا به خارج هارب فارا بنفسه ، فسئل عن ذلك ؛ فقال : خطر لى أبى لا أحلل أحدا ممن ظلمنى ؛ فتذكرت أن النبى صلىاللهعليهوسلم أشد الناس حرصا على إنقاذ رجل من أمته من النار. قلت : وأنا أتسبب فى دخولهم إليها! فحفت سقوط البيت علىّ ، فهربت.
(مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا (٣)) : معناه مع الذين اتقوا بمعونته ونصرته ، وهو مصدر مشتق من الوقاية ؛ فالتاء بدل من واو ؛ ومعناه الخوف والتزام طاعة الله ، وترك معاصيه ؛ فهو جماع كل خير.
وقد ضمن الله للمتمسك به الهدى ؛ لقوله : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) ، والولاية لقوله : (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ). والمحبة لقوله : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ). والمعرفة لقوله (٤) : (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) ، والمخرج من الغمّ ، والرزق من حيث لا يحتسب ؛ لقوله (٥) : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ). وتيسير الأمور لقوله (٦) : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ
__________________
(١) النحل : ١٢٦
(٢) الشورى : ٤٠
(٣) النحل : ١٢٨
(٤) الأنفال : ٢٩
(٥) الطلاق : ٢ ، ٣
(٦) الطلاق : ٤