وقيل (مَنْ كَفَرَ) بدل من (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (١)) ، أو من المبتدأ فى قوله : (أُولئِكَ (٢) هُمُ الْكاذِبُونَ). أو من الخبر. ومن (٣) أكره استثناء من قوله : من كفر ؛ وذلك أنّ قوما ارتدّوا عن الإسلام ، فنزلت فيهم الآية ، وكان فيهم من أكره على الكفر ، فنطق بكلمة الكفر ؛ وهو يعتقد الإيمان ؛ منهم عمّار ، وصهيب ، وبلال ، فعذرهم الله.
وروى أنّ عمار بن ياسر شكا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما صنع به من العذاب ، وما سامح به من القول ، فقال له صلىاللهعليهوسلم : «كيف تجد قلبك»؟ قال : أجده مطمئنا بالإيمان. قال : «فإجابتهم بلسانك لا تضرّك». وهذا الحكم فيمن أكره على النطق بالكفر. وأما الإكراه على كفر كالسجود لصنم ، فاختلف ؛ هل تجوز الإجابة إليه أم لا؟ فأجازه الجمهور ، ومنعه قوم. وأما الإكراه على اليمين والعتق والطلاق فلا شىء عليه فيما بينه وبين الله ، ويلزمه ما كان من حقوق الناس. وأما الإكراه على قتل أحد وأخذ ماله فلا تجوز الإجابة إليه.
(ما فُتِنُوا (٤)) ـ بضم الفاء قراءة الجمهور ؛ أى عذّبوا ، فالآية على هذا فى عمّار وشبهه من المعذّبين على الإسلام. وقرأ ابن عامر بفتح الفاء ؛ أى عذّبوا المسلمين ، فالآية على هذا فيمن عذب المسلمين ثم هاجر وجاهد كالحضرمى وأشباهه.
(مَتاعٌ قَلِيلٌ (٥)) : يعنى عيشهم فى الدنيا وانتفاعهم بما فعلوه من التحليل والتحريم.
__________________
(١) فى الآية قبلها : إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ.
(٢) فى الآية قبلها : إِنَّما يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْكاذِبُونَ.
(٣) النحل : ١٠٦
(٤) النحل : ١١٠
(٥) النحل : ١١٧