المتصل بها وبعيشنا ، لأن تغذى الإنسان بلبن أمّه حالة صغره وعدم عقله ، ولبن الأنعام يتغذى به صغيرا وكبيرا ويدرك منفعته.
(ما تَرَكَ عَلَيْها مِنْ دَابَّةٍ (١)) : الضمير للأرض ، يعنى لو عاف الله عباده فى الدنيا بكفرهم ومعاصيهم لأهلك الحيوانات. وهذا يقتضى مؤاخذتها بذنوب بنى آدم. وقد صح ذلك فى الحديث : إن الفأرة لتهلك فى جحرها من ذنوب بنى آدم.
(ما يَكْرَهُونَ (٢)) : يعنى البنات ، وذلك أنهم كانوا يقولون الملائكة بنات الله ، فتبّا لقوم كرهوا البنات وجعلوهن أرضا والذكور سماوات ، جعلهم الله فى كتابه سود الوجوه ، وتوعدهم لما كرهوا قضاءه بالجحيم.
(ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ (٣)) : انتصب رزقا ، لأنه مفعول ليملك. ويحتمل أن يكون مصدرا أو اسما لما يرزق ؛ فإن كان مصدرا فإعراب (شَيْئاً) مفعول به ؛ لأن المصدر ينصب المفعول. وإن كان اسما فإعراب (شَيْئاً) بدل منه.
وفى هذه الآية توبيخ للكفّار ، وردّ عليهم فى عبادتهم من لا يملك لهم رزقا من السموات والأرض شيئا ولا يستطيعون ؛ فنفى الاستطاعة بعد نفى الملك أبلغ فى الذم. والضمير عائد على (ما) لأن المراد به الآلهة.
(مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ (٤)) : من : هنا نكرة موصوفة ؛ والمراد بها من هو حرّ قادر ، كأنه قال : وحرّا رزقناه ؛ ليطابق
__________________
(١) النحل : ٦١
(٢) النحل : ٦٢
(٣) النحل : ٧٣
(٤) النحل : ٧٥