(تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها (١)) : الأوزار فى اللغة الآثام ؛ لأن الحرب لا بد أن يكون فيها آثام فى أحد الجانبين. واختلف فى الغاية المرادة هنا ؛ فقيل حتى يسلم الجميع ، وحينئذ تضع الحرب أوزارها. وقيل : حتى تقتلوهم وتغلبوهم. وقيل : حتى ينزل عيسى بن مريم. قال ابن عطية : ظاهر اللفظ أنها استعارة يراد بها التزام الأمر أبدا ، كما تقول : إنما أفعل ذلك إلى يوم القيامة.
(تعسا) (٢) ، أى هلاكا وعثارا ؛ وانتصابه على المصدريّة ، والعامل فيه فعل مضمر ، وعلى هذا الفعل عطف قوله : وأضلّ أعمالهم. ويقال التعس أن يخرّ على وجهه. والنكس أن يخر على رأسه.
(تَزَيَّلُوا (٣)) ؛ أى تميّزوا عن الكفار. والضمير للمؤمنين المستورين الإيمان ؛ أى لو انفصلوا عن الكفار لعذّبنا الكفار.
(تَفِيءَ (٤)) : ترجع إلى الحق ؛ وأمر الله فى هذه الآية بقتال الفئة الباغية ؛ وذلك إذا تبين أنها باغية ؛ فأمّا الفتن التى تقع بين المسلمين فاختلف العلماء فيها على قولين :
أحدهما ـ أنه لا يجوز النهوض فى شىء منها ولا القتال. هذا مذهب سعد ابن أبى وقّاص وأبى ذرّ وجماعة من الصحابة ؛ وحجّتهم قوله صلىاللهعليهوسلم : قتال المسلم كفر ، وأمره عليهالسلام بكسر السيوف فى الفتن.
والقول الثانى أن النهوض فيها واجب ؛ لتكفّ الفئة الباغية. وهذا مذهب علىّ وطلحة وعائشة وأكثر الصحابة ، وهو مذهب مالك وغيره من الفقهاء ؛
__________________
(١) محمد : ٤
(٢) محمد : ٨
(٣) الفتح : ٢٥
(٤) الحجرات : ٩