حين قالوا له (١) : (وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ) ـ بالحجارة ، أو بالسبّ ؛ فقال لهم : يا قوم ؛ أرهطي أعز عليكم من الله واتخذتموه وراءكم ظهريّا ، على وجه التوبيخ لهم.
فإن قلت : إنما وقع كلامهم فيه وفى رهطه ، وأنهم هم الأعزّة دونه ، فكيف طابق جوابه كلامهم؟
فالجواب أن تهاونهم به ـ وهو رسول الله صلىاللهعليهوسلم ـ تهاونهم بالله. (ظَنَّ) أصلها الاعتقاد الراجح ؛ كقوله (٢) : (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ).
وقد تستعمل فى اليقين ؛ كقوله (٣) : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ).
أخرج ابن أبى حاتم وغيره عن مجاهد ، قال : كل ظن فى القرآن يقين. وهذا مشكل بكثير من الآيات لم يستعمل فيها بمعنى اليقين ؛ كالآية الأولى.
وقال الزركشى فى البرهان (٤) : الفرق بينهما فى القرآن ضابطان :
أحدهما أنه حيث وجد الظن محمودا مثابا عليه فهو اليقين. وحيث وجد مذموما متوعدا عليه بالعقاب فهو الشكّ.
والثانى أن كل ظنّ يتصل (٥) بعده أن الخفيفة فهو شك نحو (٦) : (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ). وكل ظن يتصل به أن المشددة فهو يقين ؛ كقوله (٧) : (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ). ((٨) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ). وقرئ : وأيقن أنه الفراق.
__________________
(١) هود : ٩١
(٢) البقرة : ٢٣٠
(٣) البقرة : ٤٦
(٤) البرهان : ٤ ـ ١٥٦
(٥) فى ب : يفصل بعده.
(٦) الفتح : ١٢
(٧) الحاقة : ٢٠
(٨) القيامة : ٢٨