وأبى قابيل. وقال : إن أختى أحسن ، وكانت ولدت معه.
فقال آدم : يا بنى ، لا تخالف أمر الله. فقال : لم يأمرك الله ، ولكن أنت تحبّ هابيل وتزوّجه أحسن بناتك. فقال آدم : اذهبا وتحاكما إلى الله ، فوقع منهما ما أخبر الله به بقوله تعالى (١) : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما). كأنه تعالى يقول : أحرقت قربان سائر الأمم ، ولم أجوز أن أحرق قربان حبيبى ، فأمرتهم بإطعام الفقير ؛ فإذا لم أجوز إحراق القربان فكيف أحرق من قرأ القرآن؟ فلما فقد هابيل سأل عنه جميع أولاده ، فقالوا : لا ندرى أين هو؟ فاغتمّ غمّا شديدا على فقده ، وبات مهموما ؛ فرأى فى منامه هابيل وهو يناديه من بعيد : يا أبت ، الغوث! الغوث! فانتبه من نومه مذعورا ، وبكى حتى غشى عليه ، فنزل جبريل ورفع رأسه. فلما أفاق قال : يا جبريل ؛ أين ولدى هابيل؟ فقال : الله يعظّم أجرك فيه ؛ قتله قابيل. فقال آدم : أنا برىء منه. فقال له جبريل : والله برىء منه. ثم قال آدم : يا جبريل ؛ أرنيه ، فأراه له تحت التراب وإذا هو ملطّخ بالدم ، فصاح يا حسرتاه! يا ويلتاه! يا ابناه! وبكى حتى بكت الملائكة لبكائه ، وقالوا : إلهنا ؛ بكى آدم ثلاثمائة سنة ولم يسترح إلّا مدة يسيرة ، ثم اشتغل بالبكاء ؛ فقال تعالى : «الدنيا دار البكاء والعناء ، ودار البلاء والفناء».
(فَطَوَّعَتْ (٢)) : فعّلت من الطوع ؛ يقال : طاع له كذا ؛ أى أتاه طوعا. ولسانى لا يطوع بكذا ؛ أى لا ينقاد.
(طَفِقا (٣)) : أى جعلا ؛ تقول : طفق يفعل كذا ، وجعل يفعل كذا ؛
__________________
(١) المائدة : ٢٧
(٢) المائدة : ٣٠
(٣) الأعراف : ٢٢