الطاعات وترك المعصية. والأول أظهر وأشهر ؛ لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «رباط يوم فى سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه». وأما قوله صلىاللهعليهوسلم فى انتظار الصلاة : «فذلكم الرّباط» ـ فهو تشبيه بالرباط فى سبيل الله لعظم أجره. والمرابط عند الفقهاء : هو الذى يسكن الثغور ليرابط فيها ، وهى غير موطنه. وأما سكناها دائما للمعاش فليسوا بمرابطين ، ولكنهم حماة. حكاه ابن عطية. وقال غيره : إذا سكن بأهله بقصد إعفافه وقيامها بشئونه فيعد منهم. وفضل الله أوسع.
(رَبَّكُمُ) : أى مربّيكم بالنعم. قال الطيبى بعد كلام نقله : الفرق بين قوله اعبدوا الله ـ وبين قوله : اعبدوا ربكم ـ أن فى الثانى إيجاب العبادة بواسطة النعمة التى بها قوامهم ، وفى : اعبدوا إيجاب عبادته لمراعاته عزوجل من غير واسطة ، فحيث ذكر الناس بقوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) ذكر الربوبية ، كقوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ). وحيث ذكر الإيمان بقوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ).
(رَقِيباً (١)) : أى حافظا ، وهو من أسماء الله. وإذا تحقّق العبد بهذا الاسم العظيم وأمثاله استفاد مقام المراقبة ، وهو مقام شريف ، أصله علم وحال ، ثم يثمر حالين. أما العلم : فهو معرفة العبد بأن الله مطّلع عليه ، ناظر إليه ، يرى جميع أعماله ، ويسمع جميع أقواله ، وكلّ ما يخطر على باله.
وأما الحال : فهو ملازمة هذا العلم للقلب بحيث يغلب عليه ولا يغفل عنه ، ولا يكفى العلم دون هذه الحال.
فإذا حصل العلم والحال كانت ثمرتهما عند أصحاب اليمين الحياء من الله ـ
__________________
(١) النساء : ١