من القرآن : فتكون الاستعاذة اشتملت على طرفى الابتداء والانتهاء ؛ ليكون القارئ محفوظا بحفظ الله الذى استعاذ به من أول الأمر إلى آخره.
[علوم القرآن]
قال البيهقى فى شعب الإيمان : أخبرنا أبو القاسم بن حبيب ، حدثنا محمد ابن صالح بن هانئ ، حدثنا الحسين بن الفضل ، حدثنا عفان بن مسلم ، عن الربيع ابن صبيح ، عن الحسن ، قال : أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومه منها أربعة : التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والفرقان ، ثم أودع علم التوراة والإنجيل والزبور فى الفرقان ، ثم أودع علوم القرآن فى المفصل ، ثم أودع المفصل فاتحة الكتاب ؛ فمن علم تفسيرها كان كمن علم (١) جميع الكتب المنزلة.
وقد وجّه ذلك بأن العلوم التى احتوى عليها القرآن وقامت بها الأديان أربعة : علم الأصول ؛ ومداره على معرفة الله وصفاته ؛ وإليه الإشارة برب العالمين الرحمن الرحيم. ومعرفة النبوات ؛ وإليه الإشارة بالذين أنعمت عليهم. ومعرفة المعاد ؛ وإليه الإشارة بمالك يوم الدين. وعلم العبادات ؛ وإليه الإشارة بايّاك نعبد. وعلم السلوك ؛ وهو حمل النفس على الآداب الشرعية ، والانقياد لرب البرية ؛ وإليه الإشارة باياك نستعين. اهدنا الصّراط المستقيم. وعلم القصص ، وهو الاطلاع على أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية ؛ ليعلم المطلع على ذلك سعادة من أطاع الله [١٥ ب] وشقاوة من عصاه ؛ وإليه الإشارة بقوله : صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.
فنبّه فى الفاتحة على جميع مقصد القرآن ؛ وهذا هو الغاية فى براعة الاستهلال
__________________
(١) فى الإتقان : كمن علم تفسير جميع الكتب.