حتى زعم بعض الرافضة أنه سقط من السورة شىء ، وحتى زعم القفال (١) فيما حكاه الفخر الرازى إلى أنها نزلت فى الإنسان المذكور قبل ، فى قوله (٢) : (يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَأَخَّرَ). قال : يعرض عليه كتابه ، فإذا أخذ فى القراءة تلجلج خوفا ، فأسرع فى القراءة ، فيقال له : لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا أن نجمع عملك وأن نقرأ عليك ، فإذا قرأناه عليك فاتبع قرآنه بالإقرار بأنك فعلت ، ثم إن عليا بيان أمر الإنسان وما يتعلق بعقوبته.
وهذا يخالف ما ثبت فى الصحيح أنها نزلت فى تحريك النبى صلىاللهعليهوسلم لسانه حالة نزول الوحى.
وقد ذكر الأئمة لها مناسبات ؛ منها أنه تعالى لما ذكر القيامة ، وكان من شأن من يقصّر عن العمل لها حبّ العاجلة ، وكان من أصل الدين أن المبادرة إلى أفعال الخير مطلوبة ، فنبه على أنه قد يعترض على هذا المطلوب ما هو أجل منه ؛ وهو الإصغاء إلى الوحى وتفهم ما يراد منه ، والتشاغل بالحفظ قد يصد عن ذلك ، فأمر بألا يبادر إلى التحفظ ؛ لأن تحفيظه مضمون على ربه ، وليصغى إلى ما يرد عليه إلى أن يقضى ، فيتّبع ما اشتمل عليه. ثم لما انقضت الجملة المعترضة رجع الكلام إلى ما ما يتعلق بالإنسان المبدأ بذكره ، ومن هو من جنسه ؛ فقال (٣) : «كلا» ، وهى كلمة ردع ، كأنه قال : بل أنتم يا بنى آدم لكونكم خلقتم من عجل تعجلون فى كل شىء ؛ ومن ثم تحبون العاجلة.
ومنها أن عادة القرآن إذا ذكر الكلام (٤) المشتمل على عمل العبد حيث يعرض
__________________
(١) هو أبو بكر محمد بن إسماعيل الفقيه الشافعى المعروف بالقفال الكبير. توفى سنة ٣٦٥ (شذرات الذهب ٣ ـ ٥٢). وفى الإتقان حتى ذهب ...
(٢) القيامة : ١٣
(٣) القيامة : ٢٠ «كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ».
(٤) فى الإتقان : الكتاب.