يوم القيامة أردفه بذكر الكتاب المشتمل على الأحكام الدنية فى الدنيا التى تنشأ عنها المحاسبة عملا وتركا ، كما قال فى الكهف (١) : (وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ ...) إلى أن قال (٢) : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ ...) الآية.
وقال فى طه (٣) : (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً ...) إلى أن قال (٤) : (فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ).
ومنها أن أول سورة القيامة لما نزل إلى (٥) : (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) صادف أنه صلىاللهعليهوسلم فى تلك الحالة بادر إلى تحفظ الذى نزل ، وتحرّك به لسانه من عجلته خشية من تفلّته ، فنزل : لا تحرك به لسانك ... إلى قوله : ثم إن علينا بيانه ، ثم عاد الكلام إلى تكملة ما ابتدئ به.
قال الفخر الرازى : ونحوه ما لو ألقى المدرس على الطالب مسألة فتشاغل الطالب بشيء عرض له ، فقال له : ألق إلىّ بالك ، وتفهم ما أقول. ثم كمل المسألة ، فمن لا يعرف السبب يقول : ليس هذا الكلام [١٣ ا] مناسبا المسألة بخلاف من عرف ذلك.
ومنها أن «النفس» لما تقدم ذكرها فى أول السورة عدل إلى ذكر نفس المصطفى ، كأنه قال : هذا شأن النفوس ، وأنت يا محمّد نفسك أشرف النفوس ؛ فلتأخذ بأكمل الأحوال.
ومن ذلك قوله تعالى (٦) : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ...) الآية ، فقد قيل :
__________________
(١) الكهف : ٤٩
(٢). ٥٤
(٣) طه : ٢ ، ١
(٤) : ١١
(٥) القيامة : ١٥
(٦) البقرة : ١٨٩