رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ) ؛ فتخلّص منه إلى وصف حالهم بعد ذكر الذى هو من أشراط الساعة ثم الفتح فى الصّور ، وذكر الحشر ، ووصف حال الكفار والمؤمنين.
[الفرق بين التخلص والاستطراد]
وقال بعضهم : الفرق بين التخلص والاستطراد أنك فى التخلص تركت ما كتب فيه بالكلية ، وأقبلت على ما تخلصت إليه. وفى الاستطراد تمر بذكر الأمر الذى استطردت إليه مرورا كالبرق الخاطف ثم تتركه وتعود إلى ما كنت فيه. كأنك لم تقصده ؛ وإنما عرض عروضا.
قال : وبهذا يظهر أن ما فى سورة الأعراف والشعراء من باب الاستطراد لا التخلص ؛ لعوده فى الأعراف إلى قصة موسى بقوله (١) : (وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ ...) الخ. وفى الشعراء إلى ذكر الأنبياء والأمم.
ويقرب من حسن التخلص الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطا للسامع مفصولا (٢) بهذا ؛ كقوله فى سورة ص ـ بعد ذكر الأنبياء (٣) : (هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ). قال : هذا القرآن نوع من الذكر لما انتهى ذكر الأنبياء ، وهو نوع من التنزيل ، أراد أن يذكر نوعا آخر وهو ذكر الجنة وأهلها ، ثم لما فرغ قال (٤) : (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ). فذكر النار وأهلها.
قال ابن الأثير (٥) : هذا فى هذا المقام من الفصل الذى هو أحسن من الوصل ، وهى علاقة وكيدة بين الخروج من كلام إلى آخر [١٢ ب].
__________________
(١) الأعراف : ١٥٩
(٢) فى ب : حصولا.
(٣) ص : ٤٩
(٤). ٥٥
(٥) هو أبو الفتح نصر الله بن أبى الكرم محمد بن محمد بن محمد بن عبد الواحد ضاء الدين ابن الأثير. صاحب كتاب «المثل السائر» توفى سنة ٦٣٧.