الكافرين ؛ فبينهما جامع وهمىّ بالتضاد من هذا الوجه. وحكمته التشويق والثبوت على الأول ، كما قيل : وبضدها تتبين الأشياء.
فإن قيل : هذا جامع بعيد ؛ لأن كونه حديثا عن المؤمنين [١٢ ا] بالعرض (١) لا بالذات ، والمقصود بالذات الذى هو مساق الكلام إنما هو الحديث عن القرآن ؛ لأنه مفتتح القول.
قيل : لا يشترط فى الجامع ذلك ؛ بل يكفى التعلق على أى وجه كان ، ويكفى فى وجه الربط ما ذكرنا ؛ لأن القصد تأكيد أمر القرآن ، والعمل به ، والحثّ على الإيمان ؛ ولهذا لما فرغ من ذلك قال (٢) : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا) ـ فرجع إلى الأول.
الثالث : الاستطراد ؛ كقوله تعالى (٣) : (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ ...) الآية.
قال الزمخشرى : هذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقب ذكر بدوّ السّوءات ، وخصف الورق عليها ، إظهارا للمنة فيما خلق من اللباس ، ولما فى العراء (٤) وكشف العورة من المهانة والفضيحة ؛ وإشعارا بأن الستر باب عظيم من أبواب التقى.
وقد خرجت على (٥) الاستطراد قوله تعالى (٦) : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) ؛ فإن أول الكلام ذكر فيه الرد على النصارى الزاعمين بنوّة المسيح ، ثم استطراد الرد على العرب الزاعمين بنوة الملائكة.
__________________
(١) فى ب : بالفرض.
(٢) البقرة : ٢٣
(٣) الأعراف : ٢٦
(٤) فى البرهان : العرى.
(٥)؟ فى ا؟ : عن
(٦) النساء : ١٧٢