يصلون مكاء وتصدية (١) ، وينحرون للأصنام ، فقال الله لنبيه : صل لربك وحده ، وانحر له ؛ أى لوجهه لا لغيره ؛ فهو على هذا أمر بالتوحيد والإخلاص.
(الهمزة) تأتى على وجهين : أحدهما الاستفهام ، وحقيقته طلب الأفهام ، وهى أصل أدواتها ، ومن ثمّ اختصت بأمور :
أحدها ـ جواز حذفها.
الثانى ـ تأتى لطلب التصوّر والتصديق ، بخلاف هل ، فإنها للتصديق خاصة ، وسائر الأدوات للتصور خاصة.
ثالثها ـ أنها تدخل على الإثبات ، نحو (٢) : (أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً). ((٣) آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ). وعلى النفى نحو : «ألم نشرح». وتفيد حينئذ معنيين : أحدهما التذكير والتنبيه ، كالمثال المذكور ، وكقوله (٤) : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ). والثانى التعجب من الأمر العظيم ، كقوله تعالى (٥) : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ). وفى كلا الحالتين هو تحذير ، نحو (٦) : (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ).
رابعها ـ تقدمها على العاطف تنبيها على أصالتها فى التصدير ، نحو (٧) : (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً). ((٨) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى). ((٩) أَثُمَّ إِذا ما وَقَعَ). وسائر أخواتها متأخّر عنه ، كما هو قياس جميع أجزاء الجملة المعطوفة ، نحو : وكيف
__________________
(١) الأنفال : ٣٥ ، وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية. مكاء : إدخال أصابعهم فى أفواههم. تصدية : الصغير.
(٢) يونس : ٢
(٣) الأنعام : ١٤٣
(٤) الفرقان : ٤٥
(٥) البقرة : ٢٤٣
(٦) المرسلات : ١٦
(٧) البقرة : ١٠٠
(٨) الأعراف : ٩٧
(٩) يونس : ٥١