[المناسبة]
المناسبة فى اللغة المشاكلة والمقاربة ، ومرجعها فى الآيات ونحوها إلى معنى رابط بينهما عام أو خاص ، عقلى أو حسى أو خيالى ، أو غير ذلك من أنواع علاقات التلازم الذهنى ، كالسبب والمسبب ، و [العلة و](١) المعلول ، والنظيرين والصدين ونحوه.
وفائدته جعل أجزاء الكلام بعضها آخذا بإعتاق بعض ، فيقوى بذلك الارتباط ، ويصير التأليف حالته حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء فنقول :
ذكر الآية بعد الأخرى إما أن يكون ظاهر الارتباط لتعلق الكلام بعضه ببعض وعدم تمامه فى الأولى ، فواضح ؛ وكذلك إذا كانت الثانية للأولى على وجه التأكيد أو التفسير أو الاعتراض أو البدل ، وهذا القسم لا كلام فيه.
وإما ألا يظهر الارتباط ، بل يظهر أن كل جملة مستقلة عن الأخرى ، وأنها خلاف النوع المبدوء به ؛ فإما أن تكون معطوفة على الأولى بحرف من حروف العطف المشركة فى الحكم ، أو لا. فإن كانت معطوفة فلا بد أن يكون بينهما جهة جامعة على ما سبق تقسيمه ، كقوله تعالى (٢) : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها). وقوله (٣) : (وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). للتضاد بين القبض والبصط ، والولوج والخروج ، والنزول والعروج ، وشبه التضاد بين السماء والأرض.
ومما العلاقة فيه التضاد ذكر الرحمة بعد ذكر العذاب ، والرغبة بعد الرهبة.
__________________
(١) من الإتقان
(٢) سبأ : ٢
(٣) البقرة : ٢٤٥