بالحجر الذى ذهب بثوبه. وبرأ مريم بكلام ولدها فى حجرها. وبرأ عائشة من الإفك بنزول القرآن فى شأنها.
ولقد تضمنت هذه الآيات الغاية العظمى فى الاعتناء بها ، والكرامة لها ، والتشديد على من قذفها. وقد خرّج حديث الإفك البخارى ومسلم وغيرهما ؛ واختصاره أن عائشة رضى الله عنها خرجت مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم فى غزوة بنى المصطلق ، فضاع لها عقد فتأخرت على التماسه حتى رحل الناس ، فجاء رجل يقال له صفوان بن المعطّل ، فرآها فنزل عن ناقته ، وتنحّى عنها حتى ركبت عائشة ، وأخذ يقودها حتى بلغ الجيش ، فقال أهل الإفك فى ذلك ما قالوا ، فبلغ ذلك النبى صلىاللهعليهوسلم ، فقال : ما بال رجال رموا أهلى! والله ما علمت على أهلى إلا خيرا ؛ ولقد رموا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا.
وسأل جارية عائشة ، فقالت : والله ما علمت عليها إلا كما يعلم الصائغ عن الذهب الأحمر. ولم يذكر فى الحديث من أهل الإفك إلا أربعة ؛ وهم : عبد الله ابن أبىّ بن سلول رأس المنافقين ، وحمنة بنت جحش ، ومسطح بن أثاثة ، وحسان بن ثابت. وقيل : إن حسان لم يكن معهم.
(الإربة (١)) الحاجة إلى الوطء. وشرط فى رؤية غير ذوى المحارم شرطان : أحدهما أن يكونوا تابعين ، ومعناه أن يتبع لشىء يعطاه ، كالوكيل والمتصرّف ؛ ولذلك قال بعضهم : هو الذى يتبعك وهمّته بطنه. والآخر ألا يكون لهم إربة فى النساء ؛ كالخصىّ ، والمخنّث ، والشيخ الهرم ، والأحمق (٢). فلا يجوز رؤية النساء إلا باجتماع الشرطين.
__________________
(١) النور : ٣١ ، أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ...
(٢) قال فى القرطبى (١٢ ـ ٢٣٤) : وهذا الاختلاف كله متقارب المعنى. ويجتمع فيمن لا فهم له ولا عمة ينتبه بها إلى أمر النساء.