عن اللام. إلى «فى» فى الأربعة الأخيرة ، إيذانا بأنهم أكثر استحقاقا للتّصدّق عليهم ممن سبق ذكره باللام ؛ لأن ؛ «فى» للوعاء ؛ فنبّه ، باستعمالها ، على أنهم أحقّ بأن يجعلوا مظنّة لوضع الصدقات بهم ، كما يوضع الشيء فى وعائه مستقرّا فيه.
وقال الفارسى : إنما قال : (وَفِي الرِّقابِ) ولم يقل للرقاب ؛ ليدل على أن العبد لا يملك.
وعن ابن عباس قال : الحمد لله الذى قال (١) : (عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) ، ولم يقل فى صلاتهم.
فقد علمت من هذا أنه لا بد من ذكر معانى هذه الأدوات وتوجيهها.
وقد أفردها بالتصنيف خلائق من المتقدمين والمتأخرين ، كالهروى ، وابن أم قاسم ، وابن هشام ، وأنفعها (٢) هذا الكتاب البديع المثال ، المنيع المقال ؛ بنيت لك مصاعد ترتقى عليها إلى مقاصد ، وتطّلع فيه على فهم الكتاب المنزل ؛ وفتحت لك من كنوزه كل باب مقفل. فخذه كقرصة نقى منقى من كل خلط رديء ، وكلّ إن كنت آكلا ، وإلا فلا تمنعه من الناقل إن لم تكن ناقلا.
على أنى ليس لى فيه مزيّة ، وإنما الفضل لمتقدمى علماء الأمة المحمدية ، ملأ الله قبورهم نورا ، وزاد قلوبهم حبورا ، وأفاض من بركاتهم يوم نلقى كتابنا منشورا ، فنظرنا إليه لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، ولا خفيّة محرفة عندنا إلا عدّها واستقصاها ؛ وأسمعنا تعالى عظيم كلامه ، وخاطبنا بعتابه وملامه. وقال : عبدى ؛ ادن منى ؛ فدنوت منه بقلب خافق وجل ؛ فقول : عبدى ظالما
__________________
(١) الماعون : ٥
(٢) فى ب : وأشرنا فى هذا الكتاب ...