لما قال له (١) : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) ، فقال الجبار : أنا أحيى وأميت ، ثم دعا [٧٦ ا] بمن وجب عليه القتل فأعتقه ، ومن لا يجب عليه القتل فقتله ، فعلم الخليل أنه لم يفهم معنى الإحياء والإماتة ، أو علم بذلك وغالط بهذا الفعل ، فانتقل عليهالسلام إلى استدلال لا يجد له الجبار وجها يتخلص به منه ، فقال (٢) : (إن اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ). فانقطع الجبار وبهت ، ولم يمكنه أن يقول : أنا الآتى بها من المشرق ؛ لأن من هو أسنّ منه يكذّبه.
[المناقضة]
ومنها المناقضة ، وهى تعليق أمر على مستحيل إشارة إلى استحالة وقوعه ، كقوله تعالى (٣) : (وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ).
[مجاراة الخصم)
ومنها مجاراة الخصم ليعثر ، بأن يسلم بعض مقدماته حيث يراد تبكيته وإلزامه ، كقوله تعالى (٤) : (إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا ...) الآية ، فقوله : (إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) فيه اعتراف الرسل بكونهم مقصورين على البشرية ، فكأنهم سلّموا انتفاء الرسالة عنهم ، وليس مرادا ، بل هو من مجاراة الخصم ليعثر ، فكأنهم قالوا : ما ادّعيتم من كوننا بشرا حقّ لا ننكره ، ولكن هذا لا ينافى أن يمنّ الله علينا بالرسالة.
__________________
(١) البقرة : ٢٥٨
(٢) البقرة : ٢٥٨
(٣) الأعراف : ٤٠
(٤) إبراهيم : ١٠ ، ١١