القسم عليه ، فإن المقصود يحصل بذكره ، فيكون حذف المقسم عليه أبلغ وأوجز ، كقوله. (ص ، وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) ؛ فإن فى المقسم به من تعظيم القرآن ووصفه بأنه ذو الذكر المتضمن لتذكير العباد ما يحتاجون إليه ، والشرف والقدر ـ ما يدل على المقسم عليه ، وهو كونه حقا من عند الله غير مفترى كما يقوله الكافرون ؛ ولهذا قال كثيرون : إن تقدير الجواب : إن القرآن لحقّ ، وهذا مطّرد فى كل ما شأنه (١) ذلك ؛ كقوله : (ق ، وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ). وقوله : (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) ؛ فإنه يتضمن إثبات المعاد. وقوله : والفجر ... الآيات ؛ فإنها أزمان تتضمن أفعالا عظيمة من المناسك وشعائر الحج التى هى عبودية محضة الله ، وذلّ وخضوع لعظمته ؛ وفى ذلك تعظيم ما جاء به محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
قال : ومن لطائف القسم قوله : (وَالضُّحى. وَاللَّيْلِ إِذا سَجى ...) الآيات ؛ أقسم تعالى على إنعامه على رسوله وإكرامه له ؛ وذلك متضمّن لتصديقه له ، فهو قسم على صحة نبوءته ، وعلى جزائه فى الآخرة ، فهو قسم على النبوءة والمعاد. وأقسم بآيتين عظيمتين من آياته. وتأمّل مطابقة هذا القسم وهو نور الضّحى الذى هو يوافى بعد ظلام الليل للمقسم عليه ، وهو نور الوحى الذى وافاه بعد احتباسه عنه ، حتى قال أعداؤه : ودّع محمد ربّه ؛ فأقسم بضوء النهار بعد ظلمة الليل على ضوء الوحى ونوره بعد ظلمة احتباسه واحتجابه.
__________________
(١) فى الإتقان : ما شابه ذلك.