وَلَلدَّارُ (١) الْآخِرَةُ خَيْرٌ) : سميت الآخرة لتأخرها عن الدنيا. وقرأ الستة من القراء : و «للدّار» بلامين والآخرة نعت للدار. وقرأه ابن عامر وحده : ولدار ـ بلام واحدة ، وكذلك وقع فى مصاحف الشام بإضافة الدار إلى الآخرة ، وكذلك هو لدار الحياة الآخرة. وقرأ نافع وابن عامر وأبو حفص عن عاصم : أفلا (٢) تعقلون ، على إرادة المخاطبين ، وكذلك فى الأعراف [٢٧٧ ب] ، وفى آخر يوسف (٣) ، ووافقهم أبو بكر فى آخر يوسف ؛ وإنما قال فيها : (وَلَدارُ الْآخِرَةِ) بالإضافة ؛ لأن ما قبلها فى هذه السورة : (وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا) ؛ فالدنيا صفة للحياة ، كذلك جعل الآخرة صفة للدار ؛ ولأنه فى المصاحف بلامين إلا فى مصحف الشام ، وما فى يوسف بلام واحدة على الإضافة ، فوافقوا المصاحف ، وقراءة ابن عامر على الإضافة موافقة لمصحفهم ، واعتبارا بما فى يوسف. ويقوّى ما فى هذه السورة ما فى الأعراف (٤) : (وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ).
(وَقالُوا (٥) لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ) : الضمير عائد على الكفار. ولو لا تحضيض بمعنى هلّا. ومعنى الآية : هلا أنزل على محمد بيان واضح لا يقع معه توقف من أحد ، كملك يشهد له ، أو غير ذلك من تشططهم المحفوظ فى هذا. فأمر عليهالسلام بالردّ عليهم بأن الله عزوجل له القدرة على إنزال تلك الآيات ، ولكن (٦) أكثرهم لا يعلمون أنها لو نزلت ولو لم يؤمنوا لعوجلوا بالعقوبة.
ويحتمل : (وَلكِنَ (٧) أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أن الله تعالى إنما جعل الإنذار فى آيات معروضة للنظر والتأمّل ليهتدى قوم ويضلّ آخرين.
__________________
(١) الأنعام : ٣٢
(٢) فى القرطبى (٦ ـ ٤١٦) : قرئ بالياء والتاء.
(٣) يوسف : ١٠٩
(٤) الأعراف : ١٦٩
(٥) الأنعام : ٣٧
(٦) الأنعام : ٣٧
(٧) الأنعام : ٣٧