وسأل المؤرّج السدوسى الأخفش عن هذه الآية ، فقال : عادة العرب أنها إذا عدلت بالشىء عن معناه نقصت حروفه ، والليل لما كان لا يسرى ، وإنما يسرى فيه ، نقص منه حرف ، كما قال تعالى (١) : (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا). الأصل بغية ، فلما حوّل عن فاعل نقص منه حرف.
ومنها : كونه لا يصلح الإله ؛ نحو (٢) : (عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ). ((٣) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ).
ومنها : شهرته حتى يكون ذكره وعدمه سواء ؛ قال الزمخشرى : وهو نوع من دلالة الحال التى لسانها أنطق من لسان المقال ؛ وحمل عليه قراءة حمزة (٤) : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) ؛ لأن هذا مكان شهر بتكرير الجار ؛ فقامت الشهرة مقام الذكر.
ومنها : [٥٢ ا] صيانته عن ذكره تشريفا ، كقوله (٥) : (قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ. قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ...) الآيات. حذف فيها المبتدأ فى ثلاثة مواضع قبل ذكر الرب ؛ أى هو رب. والله ربكم. والله رب المشرق ؛ لأن موسى استعظم حال فرعون وإقدامه على السؤال فأضمر اسم الله تعظيما وتفخيما.
ومثله فى عروس الأفراح (٦) : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) ؛ أى ذاتك.
ومنها : صيانة اللسان عنه تحقيرا له ؛ نحو (٧) : (صُمٌّ بُكْمٌ). أى هم. أو المنافقون.
__________________
(١) مريم : ٢٨
(٢) المؤمنون : ٩٢
(٣) هود : ١٠٧
(٤) النساء : ١
(٥) الشعراء : ٢٣ ـ ٢٨
(٦) الأعراف : ١٤٢
(٧) البقرة : ١٨