وقد اجتمعا فى قوله (١) : (ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها) ؛ فناقة الله تحذير بتقدير ذروا. وسقياها إغراء بتقدير الزموا.
ومنها : التفخيم والإعظام لما فيه من الإيهام. قال حازم فى «منهاج البلغاء» : إنما يحسن الحذف لقوة الدلالة عليه ، أو يقصد به تعديد أشياء ، فيكون فى تعدادها طول وسآمة ، فيحذف ويكتفى بدلالة الحال وتترك النفس تجول فى الأشياء المكتفى بالحال عن ذكرها. قال : ولهذا القصد يؤثر فى المواضع التى يراد بها التعجب والتهويل على النفوس. ومنه قوله فى وصف أهل الجنة (٢) : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها). فحذف الجواب إذ كان وصف ما يجدونه ويلقونه عند ذلك لا يتناهى ؛ فجعل الحذف دليلا على ضيق الكلام عن وصف ما يشاهدونه وترك (٣) النفوس تقدر ما شاءته ، ولا تبلغ مع ذلك كنه ما هنالك.
وكذا قوله (٤) : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) ، أى لرأيت أمرا فظيعا لا تكاد تحيط به العبارة.
ومنها : التخفيف لكثرة دورانه فى الكلام ، كما فى حذف حرف النداء ، نحو (٥) : (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا). ونون لم يك ، والجمع السالم. ومنه قراءة (٦) : والمقيمى الصلاة. وياء (٧) : (وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ).
__________________
(١) الشمس : ١٣
(٢) الزمر : ٧٣
(٣) فى الإتقان والبرهان : وتركت.
(٤) الأنعام : ٢٧
(٥) يوسف : ٢٩
(٦) الحج : ٣٥. وهذه القراءة ـ بالنصب ـ قراءة أبى عمر. (القرطبى : ١٢ ـ ٥٩).
(٧) الفجر : ٤