ومنها (١) : (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا). قيل : إنها مجملة ؛ لأن الربا الزيادة ، وما من بيع إلا وفيه زيادة ، فافتقر إلى بيان ما يحل وما يحرم.
وقيل : لا ؛ لأن البيع منقول شرعا ، فحمل على عمومه ، ما لم يقم دليل التخصيص.
وقال الماوردى : للشافعى فى هذه الآية أربعة أقوال :
أحدها ـ أنها عامة ؛ فإن لفظها لفظ عموم يتناول كل بيع ، ويقتضى إباحة جميعها إلا ما خصه الدليل. وهذا القول أصحها عند الشافعى وأصحابه ؛ لأنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيوع كانوا يعتادونها ولم يبين الجائز ؛ فدل على أن الآية تناولت إباحة جميع البيوع إلا ما خص منها ، فبيّن صلىاللهعليهوسلم المخصوص.
قال : فعلى هذا فى العموم قولان : أحدهما أنه عموم أريد به العموم وإن دخله التخصيص. والثانى : أنه عموم أريد به الخصوص ، قال : والفرق بينهما أن البيان فى الثانى متقدم على اللفظ ، وفى الأول متأخر عنه ومقترن به. قال : وعلى القولين يجوز الاستدلال بالآية فى المسائل المختلف فيها ما لم يقم دليل تخصيص.
والقول الثانى أنها مجملة لا يعقل [٣٨ ب] منها صحة بيع من فساده إلا بيان النبى صلىاللهعليهوسلم ؛ ثم قال : هل هى مجملة بنفسها أم بعارض ما نهى عنه من البيوع؟ وجهان. وهل الإجمال فى المعنى المراد دون لفظها ؛ لأن لفظ البيع اسم لغوى معناه معقول ، لكن لما قام بإزائه من السنّة ما يعارضه تدافع العمومان ولم يتعين المراد إلا ببيان السنة ؛ فصار مجملا لذلك دون اللفظ ، أو فى اللفظ أيضا ؛ لأنه لما لم يكن المراد منه ما وقع عليه الاسم وكانت له شرائط غير معقولة فى اللغة كان مشكلا أيضا؟ وجهان.
__________________
(١) البقرة : ٢٧٥