واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبنى من الأسماء وتوابعها ، وضروب الأفعال ، والحروف العاملة وغيرها ، وأوسعوا الكلام فى الأسماء وتوابعها ، وضروب الأفعال واللازم والمتعدى ، ورسوم خط الكلمات ، وجميع ما تعلق به ؛ حتى إن بعضهم أعرب مشكله ، وبعضهم أعربه كلمة كلمة.
واعتنى المفسرون بألفاظه ، فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد ، ولفظا يدل على معنيين ، ولفظا يدل على أكثر ، فأجروا الأول على حكمه ، وأوضحوا معنى الخفى منه ؛ وخاضوا فى ترجيح أحد محتملات ذى المعنيين والمعانى ، وأعمل كلّ فكره ، وقال بمقتضى نظره.
واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية ، والشواهد الأصلية والنظرية ؛ مثل قوله (١) : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا). إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة ؛ فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده ، وقدمه ، وبقائه ، وقدرته وعلمه ، وتنزيهه عما لا يليق به ؛ وسموا هذا العلم بأصول الدين.
وتأملت (٢) طائفة منهم معانى خطابه ، فرأت منها ما يقتضى العموم ، ومنها ما يقتضى الخصوص إلى غير ذلك ؛ فاستنبطوا منها أحكام اللغات من الحقيقة والمجاز ، وتكلموا فى التخصيص والإخبار ، والنص والظاهر والمجمل ، والمحكم والمتشابه ، والأمر والنهى ، والنسخ ، إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة ، واستصحاب الحال والاستقراء ، وسموا هذا الفن أصول الفقه.
وحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام ، وسائر الأحكام ؛ فأسسوا (٣) أصوله ، وفرّعوا فروعه ، وبسطوا القول فى ذلك بسطا حسنا ؛ وسموه بعلم الفروع وبالفقه أيضا.
__________________
(١) الأنبياء : ٢٢
(٢) فى ب : ونالت. وفى ا : وتناولت.
(٣) فى ب. فاستثبتوا.