وقال غيره : ما من شىء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهّمه الله ، حتى إن بعضهم استنبط عمر النبى صلىاللهعليهوسلم ثلاثا وستين سنة من قوله فى سورة المنافقين (١) : (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها). فإنها رأس ثلاث (٢) وستين سورة وأعقبها بالتغابن (٣) فى فقده.
وقال ابن أبى الفضل المرسى (٤) : جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلا واهبها والمتكلم بها ، ثم رسول الله صلىاللهعليهوسلم خلا ما استأثر به سبحانه [٥ ا] ؛ ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم ، مثل الخلفاء الأربعة ، وابن مسعود ، وابن عباس ، حتى قال : لو ضاع لى عقال بعير لوجدته فى كتاب الله.
[استنباط العلوم منه]
ثم ورث عنهم التابعون بإحسان ، ثم تقاصرت الهمم ، وفترت العزائم ، وتضاءل أهل العلم ، وضعفوا عن حمل ما حمله (٥) الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه ، فنوعوا (٦) علومه ، وقامت كل طائفة بفن من فنونه ، فاعتنى قوم بضبط لغاته ، وتحرير كلماته ، ومعرفة مخارج حروفه ، وعد (٧) كلماته وآياته وسوره ، وأحزابه ، وأنصافه وأرباعه ، وعدد سجداته ، والتعليم عند كل عشر آيات إلى غير ذلك ؛ من حصر الكلمات المتشابهة ، والآيات المتماثلة ، من غير تعرض لمعانيه ، ولا تدبر لما أودع فيه ، فسموا القراء.
__________________
(١) آية ١١
(٢) فى ا : فإنه ثلاث.
(٣) فى الإتقان : وأعقبها بالتغابن ليظهر التغابن فى؟ فقده؟. وسورة المنافقون هى السورة الثالثة والستون ، وسورة التغابن جاءت بعدها.
(٤) فى تفسيره (الإتقان : ١٢٦).
(٥) فى ا : عن حل ما أحله ...
(٦) فى ب : فيدعوا.
(٧) فى ا : وعدد. وفى الاتقان : وعددها.