وأخرج البخارى عن ابن مسعود أنه قال (١) : لعن الله الواشمة والمستوشمة ، والمتنمّصات والمتفلّجات (٢) للحسن ، المغيّرات خلق الله. فبلغ ذلك امرأة من بنى أسد (٣) ، فقالت له : بلغنى أنك لعنت كيت وكيت! فقال : وما لي لا ألعن من لعنه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو فى كتاب الله؟ فقالت : لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه ما تقول. قال : إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه. أما قرأت (٤) : (وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا). قالت : بلى. قال : فإنه قد نهى عنه.
وحكى ابن سراقة فى كتاب الإعجاز عن أبى بكر بن مجاهد ـ أنه قال : ما شىء فى العالم إلا وهو فى كتاب الله عزوجل ؛ فقيل (٥) : فأين ذكر الخانات؟ قال فى قوله عزوجل (٦) : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيها مَتاعٌ لَكُمْ). فهى الخانات. وقال ابن برّجان (٧) : ما قال النبى صلىاللهعليهوسلم من شىء فهو فى القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد ، فهمه من فهمه ، وعمى عنه من عمى (٨) ، وكذا كل ما حكم أو قضى به ، وإنما يدركه الطالب من ذلك بقدر اجتهاده وبذل وسعه ومقدار فهمه.
__________________
(١) صحيح مسلم : ١٦٧٨.
(٢) الواشمة : فاعلة الوشم. والطالبة للوشم مستوشمة. والنامصة : التى تزبل الشعر من الوجه. والمتنمصة : هى التى تطلب فعل ذلك بها. والمتفلجات المراد مفلجات الأسنان بأن تبرد ما بين أسنانها الثنايا والرباعيات ، وهو من الفلج ، وتفعل ذلك العجوز ومن قاربتها فى السن إظهارا للصغر وحسن الأسنان.
(٣) فى مسلم : يقال لها أم يعقوب.
(٤) الحشر : ٧.
(٥) فى ا : فقال.
(٦) النور : ٢٩.
(٧) فى ا : جرجان ، وفى الإتقان : برهان ـ تصحيف ، وهو عبد السلام بن عبد الرحمن أحد أئمة اللغة والنحو فى زمانه توفى سنة ٦٢٧ (بغية الوعاة ٣٠٦).
(٨) فى ا : وعمه عنه من عمه. والعمة محركة : التردد فى الضلال والتحير فى منازعة أو طريق ، أو ألا يعرف الحجة.