المرتضى رحمهالله إلى أنّ ذلك يجوز ، ولا فرق بين الخبر والأمر والنّهي في هذا الباب (١).
واعلم (٢) أنّ الأخبار على ضربين :
أحدهما : يتضمّن معنى الأمر أو النّهي.
والآخر : لا يتضمّن ذلك بل يكون خبرا محضا عن صفة الشّيء في نفسه.
فما يكون معناه معنى الأمر والنّهي ، فإنّه يجوز دخول النّسخ فيه ، لأنّه لا فرق بين أن يقول : (صلّوا الجمعة يوم الجمعة) ، وبين أن يقول : (صلاة الجمعة يوم الجمعة واجبة) ، في أنّه يجب في الحالين الصّلاة ، ومع ذلك يجوز معنى النّسخ فيه بأن تخرج الصّلاة من كونها واجبة ، وقد ورد القرآن بمثل ذلك ، قال الله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(٣) ، وقال : (الطَّلاقُ مَرَّتانِ)(٤) ، وقال : (مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)(٥) ، وقال : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)(٦) ، وكلّ ذلك خبر ، إلّا أنّه لمّا كان معناه معنى الأمر جاز دخول النّسخ فيه لجواز تغيّره من حسن إلى قبح.
وأمّا ما لا يكون معناه معنى الأمر أو النّهي ، وهو الّذي يتضمّن خبرا محضا عن صفة الشيء في نفسه ، فهو على ضربين.
__________________
(العمد) ويعتبر في عداد المفقود والضّائع من تراث المعتزلة ويرى فؤاد سزكين (تاريخ التراث العربي مج ١ : ٤ : ص ٨٢). أنّه من المحتمل أن يكون (العمد) هو الكتاب الموجود بمكتبة الفاتيكان برقم ١١٠٠ باسم (الاختلاف في أصول الفقه) إلّا أنّه يمكن الوصول إلى آراء القاضي عبد الجبّار ومنهاجه عبر مصدرين رئيسين وهما : (المعتمد) لأبي الحسين البصري الّذي كان تلميذه وصفيّه ورفيقه على درب الاعتزال والأصول معا وقد اهتمّ بكتاب العمد دارسا له ومستوعبا إيّاه واستشهد به في كثير من مواضع كتابه.
والآخر كتاب (المغني) للقاضي نفسه فإنّه برغم انّ تأليف الكتاب كان لأجل بيان آرائه في علم الكلام وأصول الاعتقاد ، نجده يجعل الجزء السّابع خاصّا بالأدلّة الشّرعيّة.
(١) انظر التعليقة رقم (١) صفحة ٥٠٠
(٢) والّذي ينبغي أن يحصل في هذا الباب.
(٣) البقرة : ٢٢٨.
(٤) البقرة : ٢٢٩.
(٥) آل عمران : ٩٧.
(٦) آل عمران : ٩٧.