أحدهما : أن لا يجوز تغيّر تلك الصفة ، عمّا هو عليه (١) ، فما يكون كذلك يجوز معنى النّسخ في الإخبار عنه ، فأمّا الانتقال إلى ضدّه فلا يجوز ، لأنّ ذلك جهل وذلك نحو الإخبار عن صفات الله تعالى ، ووحدانيّته ، فإنّه يجوز أن تتعبّد تارة بالإخبار عن ذلك ، وتارة ينسخ عنّا الإخبار عنها ، ولا يجوز أن نتعبّد بالإخبار عن ضدّها ، لأنّ ذلك جهل على ما قدّمناه.
والضّرب الآخر : هو ما يجوز انتقاله عن تلك الصّفة ، فإنّه لا يمتنع أن نتعبّد بالإخبار عن تلك الصّفة ما دام الموصوف عليها ، فإذا انتقل إلى غيرها نتعبّد بالنّهي عن أن يخبر عمّا كنّا (٢) نخبر به ، لتغيّر المخبر في نفسه.
وهذه جملة كافية في هذا الباب وشرحها يطول ، وفيما ذكرناه مقنع إن شاء الله.
فأمّا شرائط أن يأمر المكلّف بنفس ما نهى عنه فهي : أن يأمره به على غير الوجه الّذي نهاه عنه ، وذلك نحو نهيه تعالى المكلّف أن يصلّي الصّلاة عبادة للشّيطان ، وأمره إيّاه بأن يفعلها عبادة له تعالى ، ونحو أمره تعالى بالإخبار عن نبوّة نبيّنا محمّد عليهالسلام (٣) ونهيه عن نبوّة غيره.
وإنّما قلنا : إنّ الأمر بالشّيء والنّهي عنه على هذا الوجه يكون قبيحا ، لأنّ ذلك يدلّ على البداء على ما قدّمنا القول فيه ، ويؤدّي إلى أن يكون الأمر به قبيحا إن كان المأمور به قبيحا ، وإلى أن يكون النّهي عنه قبيحا إن كان الفعل حسنا.
وكذلك : لا يجوز أيضا أن يأمره بالشّيء وينهاه عنه بعينه في وقتين ، لأنّ ذلك تكليف ما لا يطاق ، لأنّ مقدور المكلّف في أحد الوقتين لا يصحّ أن يفعله في الوقت الآخر ، فمتى نهاه عن الوقت الآخر ، فقد نهاه عمّا لا يقدر عليه ، وذلك قبيح.
وكذلك : لا يجوز أن يأمر زيدا بالشّيء الّذي نهى عنه عمرا ، لأنّ كونه مقدورا لأحدهما يمنع من كونه مقدورا للآخر.
__________________
(١) في الأصل : تلك الموصوف.
(٢) لنا أن.
(٣) صلىاللهعليهوآلهوسلم.