بالإساءة عندنا لا يبطل شكر النّعمة ، وإنّما يستحقّ بها الذّم والعقاب فيمن يصحّ ذلك فيه لا غير.
والقسم الآخر : لا يصحّ معنى النّسخ فيه لأنّه لا يصحّ خروجه عن كونه لطفا ، وذلك نحو وجوب المعرفة بالله تعالى وصفاته ، ونحو وجوب الرئاسة الّتي نوجبها عقلا ، فإنّه لا يصحّ خروج ذلك أجمع عن كونها لطفا ، فإذا لا يصحّ معنى النّسخ فيها أصلا.
فأمّا ما يصحّ معنى النّسخ فيه : فهو كلّ فعل يجوز أن يتغيّر من حسن إلى قبح ، فيقع على وجه فيكون حسنا وعلى آخر فيكون قبيحا ، ويقع في وقت فيكون حسنا ، وفي آخر فيكون قبيحا ، ويقع من شخص فيكون حسنا ، ومن آخر فيكون قبيحا ، وذلك نحو المنافع والمضارّ ، ولا اعتبار في ذلك بجنس الفعل ، بل الاعتبار في ذلك بالوجوه الّتي يقع عليها الفعل ، وعلى ذلك جميع الشّرعيّات لأنّها قد تكون واجبة في وقت دون آخر ، وعلى شخص دون غيره ، وعلى وجه دون آخر ، ألا ترى أنّ القعود في موضع مباح قد يكون حسنا ثمّ يعرض فيه وجه قبح بأن يخاف سبعا أو لصّا أو وقوع حائط عليه وما شاكله ، فيصير القعود نفسه قبيحا.
ولما ذكرناه اختلفت الشّرائع ودخل النّسخ فيها ، واختصّ بعض المكلّفين بما لم يشترك فيه غيره ، وذلك أنّ الإمساك في السّبت كان واجبا في شرع موسى عليهالسلام ، ثمّ صار قبيحا في شرع نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم وغير ذلك من الشّرائع. ويجب على الحائض ترك الصّلاة والصّوم ولا يجب ذلك على غيرها ، بل يكون ذلك قبيحا منه ، فعلى هذا ينبغي أن يجري هذا الباب.
فأمّا النّسخ في الأخبار : (١) فقد اختلف العلماء في ذلك :
__________________
الإسلاميين ١ : ٢٩٨ ، شرح المواقف ٨ : ٣٠٩».
(١) النّسخ في الأخبار إمّا أن يكون لنسخ أصل الخبر أو لنسخ مدلوله وفائدته :
أمّا الأوّل : فأمّا إن يختصّ النّسخ بتلاوته أو يتعلّق بتكليفنا بذلك الخبر ، بأن نكون قد كلّفنا أن نخبر بشيء فينسخ عنّا التّكليف. وكلّ واحد من الأمرين جائز من غير خلاف بين الأصوليين القائلين بجواز النّسخ ، لأنّ