السّبعين ، بقي ما زاد عليه على الأصل ، وقد روي في هذا الخبر أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «لو علمت أنّي إن زدت على السّبعين يغفر الله لهم لفعلت» (١) وعلى هذه الرّواية لا شبهة في الخبر (٢).
والجواب عن الخامس : فهو (٣) أيضا خبر واحد لا يحتجّ به في هذا الموضع ، ومع ذلك لا يدلّ على موضع الخلاف ، لأنّا لا نعلم أنّ تعجّبهما من القصر مع زوال الخوف هو لأجل تعليق القصر بالخوف ، ويجوز أن يكون تعجّبهما لأنّهما عقلا من الآيات الواردات في إيجاب الصّلاة وجوب الإتمام في كلّ حال ، واعتقدوا أنّ المستثنى من ذلك هو حال الخوف ، فتعجّبا لهذا الوجه.
والجواب عن السّادس : أنّه إذا صحّ قولهم : «إنّ الماء من الماء منسوخ» (٤) ، من أين لهم أنّهم عقلوا من ظاهره نفي وجوب الغسل من غير الماء؟ ، ولعلّهم علموه بدليل سوى اللّفظ ، لأنّهم إذا حكموا بأنّه منسوخ فلا بدّ من أن يكونوا قد فهموا أنّ ما عداه بخلافه ، فمن أين لهم أنّهم فهموا ذلك باللّفظ دون دليل آخر؟
وقد روى هذا الخبر بلفظ آخر ، وهو أنّه عليهالسلام قال : «إنّما الماء من الماء» (٥) وبدخول لفظ «إنّما» يعلم أنّ ما عداه بخلافه ، لأنّ القائل إذا قال : «إنّما لك عندي درهم» يفهم من قوله : (وليس لك سواه) ، وعلى هذا الوجه تعلّق ابن عبّاس
__________________
(١) تفسير غرائب القرآن (المطبوع بهامش تفسير الطبري ط بولاق) : المجلّد السادس ـ الجزء العاشر : ١٣٨ ولفظه : «ولو أعلم أنّي إن زدت على السبعين غفر له لزدت».
(٢) في المصدر : والنّبي عليهالسلام أفصح وأفطن لأغراض العرب ، من أين يجوز عليه مثل ذلك؟ لأنّ معنى الآية النّهي عن الاستغفار للكفّار ، فإنّك لو أكثرت في الاستغفار ما غفر الله لهم ، فعبّر عن الإكثار بالسّبعين ، ولا فرق بينهما وبين ما زاد عليها ، كما تقول العرب : «لو جئتني سبعين مرّة ما جئتك» ولا فرق بين الأعداد المختلفة في هذا الغرض ، فكأنّه يقول : «لو جئتني كثيرا أو قليلا ما جئتك» وأيّ عدد تضمّنه لفظه فهو كغيره.
(٣) أنّه.
(٤) كنز العمّال ٩ : ٣٨٠ رقم ٢٦٥٦٥ وص ٥٤٠ رقم ٢٧٣٢٥. والحديث رواه أبو داود ، وأحمد ، وابن ماجة ، والترمذي ونصّه : «إنّما كان الماء من الماء رخصة في أوّل الإسلام ثمّ نهي عنهما».
(٥) جامع الأصول ٧ : ٢٧٢ و ٢٧٣ رقم ٥٣٠٥ و ٥٣٠٨ نقله عن مسلم والترمذي.