وسلّم عن ذلك (١) فقال : «صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته».
وتعجّبهما من ذلك يدلّ على أنّهما فهما من تعلّق القصر بالخوف أن حال الأمن بخلافه.
ومنها : ما روي عن الصّحابة كلّهم أنّهم قالوا : «الماء من الماء منسوخ» (٢) ولا يكون ذلك منسوخا إلّا من جهة دليل الخطاب ، وأنّ لفظة الخبر تقتضي نفي وجوب الاغتسال من غير إنزال الماء.
ومنها : أنّ الأمّة إنّما رجعت في أنّ التيمّم لا يجب إلّا عند عدم الماء إلى ظاهر قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا)(٣) ، وكذلك الصّيام في الكفّارة وأنّه لا يجزي إلّا عند عدم الرّقبة ، إنّما رجع فيه إلى الظّاهر.
قال (٤) والجواب عن الأوّل : أنّ في تعليق الحكم بالسّوم فائدة ، لأنّا [به](٥) نعلم وجوب الزّكاة في السّائمة ، وما كنّا نعلم ذلك قبله ، ويجوز أن يكون حكم المعلوفة في الزّكاة حكم السّائمة ، وإن علمنا بدليل آخر ، وليس يمتنع في الحكمين المتماثلين أن يعلمنا بدليلين مختلفين بحسب المصلحة ، ألا ترى أنّ حكم ما لم يقع النّص عليه من الأجناس في الرّبا حكم المنصوص عليه ، ومع ذلك دلّنا على ثبوت الرّبا في الأجناس المذكورة بالنّص ، ووكّلنا في إثباته في غيرها إلى القياس أو غير ذلك من الأدلّة (٦).
والجواب عن الثّاني : أنّ الاستثناء من العموم لم يدلّ بلفظه ونفسه على أنّ ما
__________________
(١) في المصدر : فسألت عنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(٢) كنز العمّال ٩ : ٣٨٠ رقم ٢٦٥٦٥ ، وص ٥٤٠ رقم ٢٧٣٢٥. والحديث رواه أبو داود ، وأحمد ، وابن ماجة ، والترمذي ونصّه : «إنّما كان الماء من الماء رخصة في أوّل الإسلام ، ثمّ نهي عنها».
(٣) النساء : ٤٣.
(٤) أي قال الشّريف المرتضى رحمهالله.
(٥) زيادة من المصدر.
(٦) في المصدر : ووكلنا في إثباته في غيرها إلى دلالة أخرى من قياس أو غيره.