لم يتناوله بخلاف حكمه ، وإنما دلّ العموم على دخول الكلّ فيه ، فلمّا أخرج الاستثناء بعض ما تناوله العموم علمنا حكم المستثنى بلفظ الاستثناء وتناوله لما يتناوله ، وعلمنا أنّ حكم ما لم يتناوله بخلافه بلفظ العموم ، مثال ذلك : أنّ القائل إذا قال : «ضربت القوم إلّا زيدا» فإنّما يعلم بالاستثناء أنّ زيدا ليس بمضروب ، ويعلم أنّ عداه من القوم مضروب بظاهر العموم ، لا من أجل دليل الخطاب في الاستثناء ، وليس هذا موجودا في قوله عليهالسلام : «في سائمة الغنم الزّكاة» (١) ، لأنّه عليهالسلام ما استثنى من جملة مذكورة ، ولو كان لسائمة الغنم اسم يختصّ بها من غير إضافة إلى الغنم تعلّق (٢) الزكاة به ، وليس كلّ شيء معناه معنى الاستثناء له حكم الاستثناء ، لأنّ للاستثناء ألفاظا موضوعة له ، فلما (٣) لم يدخل فيه لم يكن مستثنى منه ، ولا يكون واردا (٤) إلّا على جملة مستقلّة بنفسها ، وكلّ هذا إذا أوجبت مراعاته لم يجز أن يجري قوله عليهالسلام : «في سائمة الغنم الزّكاة» (٥) مجرى الجمل المستثنى منها.
والجواب عن (٥) الثّالث : أنّ الشّرط عندنا كالصّفة في أنّه لا يدلّ على أنّ ما عداه بخلافه ، وبمجرّد الشّرط لا يعلم ذلك ، وإنّما نعلمه في بعض المواضع بدليل (٦) ، لأنّ تأثير الشّرط أن يتعلّق الحكم به ، وليس يمتنع أن يخالفه وينوب عنه شرط آخر يجري مجراه ، ولا يخرج من أن يكون شرطا ، ألا ترى أنّ قوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ)(٧) إنّما يمنع من قبول الشّاهد الواحد حتّى ينضمّ إليه الآخر ، فانضمام
__________________
(١) الأمّ ١ : ٢٣ ، وقد أخرجه البخاري ، وأحمد ، وأبو داود ، والنّسائي ، والدار قطني ، والبيهقي ، والحاكم النيسابوري كلّهم في كتاب الزكاة.
(٢) في المصدر : لتعلّق.
(٣) في المصدر : فما.
(٤) في المصدر : ولا يكون الاستثناء واردا.
(٥) في الأصل : (على).
(٦) في المصدر : بدليل منفصل.
(٧) البقرة : ٢٨٢.