والجواب : أنّ من فعل ذلك فقد أخطأ في اللّغة ، وقد حكينا أنّ في النّاس من سوى ـ مخطئا ـ بين الاسم والصّفة في تعليق الحكم بكلّ واحد منهما.
ويمكن من استدلّ بهذه الآية أن يكون إنّما عوّل على أنّ الاسم فيها يجري مجرى الصّفة ، لأنّ مطلق الماء يخالف مضافه ، فأجراه مجرى كون الغنم سائمة ومعلوفة (١)
وأمّا الدّلالة على أنّ الصّفة كالاسم في الحكم الّذي ذكرناه : فهي أنّ الغرض في وضع الأسماء في أصل اللّغة هو التّمييز والتّعريف ، وليمكنهم أن يخبروا عمّن غاب عنهم بالعبارة ، كما أخبروا عن الحاضر بالإشارة ، فوضعوا الأسماء لهذا الغرض ، ولمّا وقع الاشتراك بالاتّفاق في الأسماء ، بطل الغرض الّذي هو التّمييز والتعريف ، فاحتاجوا إلى إدخال الصّفة (٢) وإلحاقها بالاسم (٣) ليكون الاسم مع الصّفة بمنزلة الاسم لو لم يقع اشتراك فيه ، ولو لا الاشتراك الواقع في الأسماء لما احتيج إلى الصّفات ، ألا ترى أنّه لو لم يكن مسمّى بزيد (٤) إلّا شخصا واحدا ، لكفى في الإخبار عنه أن يقال : «قام زيد» ، ولم يحتج إلى إدخال الصّفة ، فبان بهذه الجملة أنّ الصّفة كالاسم في الغرض وأنّ الصّفات كبعض الأسماء ، وإذا ثبت ما ذكرناه في الاسم ثبت فيما يجري مجراه ويقوم مقامه.
وممّا يبيّن أنّ الاسم كالصّفة أنّ المخبر قد يحتاج إلى أن يخبر عن شخص بعينه ، فيذكره بلقبه ، وقد يجوز أن يحتاج أن يخبر عنه في حال دون أخرى ، فيذكره بصفته ، فصارت الصّفة مميّزة للأحوال ، كما أنّ الأسماء مميّزة للأعيان فحلّا محلا واحدا في الحكم الّذي ذكرناه.
وممّا يدلّ ابتداء على بطلان دليل الخطاب : أنّ اللّفظ إنما يدلّ على ما يتناوله ،
__________________
(١) في المصدر : فأجراه مجرى كون الإبل سائمة ومعلوفة.
(٢) في المصدر : الصّفات.
(٣) في المصدر : بالأسماء.
(٤) في المصدر : لو لم يكن في العالم من اسمه زيد.