كلّه مجاز.
ويدلّ أيضا على ذلك : أنّ من المعلوم أنّه لا يحسن أن يخبر مخبر بأنّ «زيدا طويلا» إلّا وهو عالم بطوله ، (لأنّ كلامه يقتضي تعليق الطّول عليه ، فلا بدّ من أن يكون عالما به ، وإلّا لم يؤمن أن يكون كاذبا) (١) ، فلو كان قوله : «زيد طويل» كما يقتضي الإخبار عن طول زيد ، يقتضي نفي الطّول عن كلّ من عداه ، لوجب أن لا يحسن منه أن يخبر بأنّ زيدا طويل (على الحقيقة) (١) إلّا بعد أن يكون عالما بأنّ غيره لا يشاركه في الطّول ، ويجب أن يكون علمه بحال الغير شرطا في حسن الخبر ، كما أنّ علمه بحال المذكور شرط في حسن الخبر ، ومعلوم خلاف ذلك عند كلّ عاقل.
وأيضا : فإنّ ألفاظ النفي مفارقة لألفاظ الإثبات في لغة العرب ، ولا يجوز أن يفهم من لفظ الإثبات النّفي ، كما لا يفهم من لفظ النّفي الإثبات ، وقولنا : «زيد طويل» لفظة إثبات ، وكيف يعقل منه نفي الحكم عن غير المذكور وليس هاهنا لفظ نفي؟
ويمكن أن يستدلّ بهذه الطّريقة خاصّة على أنّ تعليق الحكم بصفة لا يدلّ على نفيه عمّا ليست له ، من غير حمل الصّفة على الاسم.
وممّا (٢) يقوّي أيضا ما ذكرناه : أنّ أحدا من العلماء لم يقل في ذكر الأجناس السّتّة في خبر الرّبا أنّ تعليق الحكم بها يدلّ على نفي الرّبا عن غيرها ، لأنّ العلماء بين رجلين : أحدهما يقول يبقى غير هذه الأجناس على الإباحة ، والآخر يقيس غيرها عليها.
فإن تعلّق من سوّى بين الاسم والصّفة ، بأنّ جماعة من أهل العلم استدلّوا على أنّ غير الماء لا يطهّر (٣) بقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً)(٤) فنفوا الحكم عن غير الماء ، وهو معلّق بالاسم لا بالصّفة.
__________________
(١) زيادة غير موجودة في نسخة المصدر المطبوعة
(٢) زيادة غير موجودة في نسخة المصدر المطبوعة
(٣) في المصدر : وربّما قوّى.
(٤) الفرقان : ٤٨.