فصل ـ [١١]
«في القول في دليل الخطاب ، واختلاف النّاس فيه»
اختلف أهل العلم في أنّ الحكم إذا علّق بصفة الشّيء هل يدلّ على أنّ حاله مع انتفاء ذلك الوصف بخلاف حاله مع وجوده ، أم لا يدلّ ، بل يحتاج إلى بيان ودليل سواه؟
فذهب الشّافعي وأكثر أصحابه إلى أنّ الحكم إذا علّق في الموصوف بصفة دلّ على انتفاء ذلك الحكم إذا زالت تلك الصّفة (١) ، قاله في مسائل كثيرة (٢).
وتجاوز بعضهم إلى أن قال : إنّ الحكم إذا علّق بعين دلّ على أنّ غيره
__________________
(١) وهذا مذهب مالك ، وأحمد بن حنبل ، والأشعري وأكثر أتباعه ، وجماعة من المتكلّمين ، والفقهاء ، واللغويّين كأبي عبيدة معمّر بن المثنّى.
انظر : «المعتمد ١ : ١٤٩ ، التبصرة : ٢١٨ ، الأحكام للآمدي ٣ : ٧٠ ، شرح اللّمع ١ : ٤٢٨ ، الإبهاج ١ : ٢٣٥ ، المنخول : ٢١٣ ، تقريب الوصول : ٧٩».
هذا وذهب بعض أصحاب الشّافعي كالجويني والغزالي (في المنخول دون المستصفى) إلى التفرقة بين الصفة المناسبة مع الحكم كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «في سائمة الغنم زكاة» فقالوا فيه بالمفهوم ، وبين الصفة الّتي لا توجد فيها مناسبة للحكم كقول القائل «الأبيض يشبع إذا أكل» فقالوا فيه بعدم المفهوم.
(٢) انظر فتوى الشّافعي في الأمّ ٢ : ٤ و ٢٠ حيث ذهب إلى أنّه إذا علّق الحكم في الشّيء على صفة من صفاته دلّ على أنّ ما عداها يخالفه.