قالوا : يجب أن يتوقّف عن اعتقاد التّفصيل ، ويعتقد على الجملة أنّه يمتثل ما يبيّن له ، وهذا تطرق عليهم ما قاله : يجوز تأخير بيان المجمل ، من وجوب اعتقاد الجملة دون التّفصيل وانتظار البيان.
وأيّ فرق بين أن يكلّف زمانا قصيرا من غير فهم المراد ـ على سبيل التّفصيل ـ الاعتقاد الّذي ذكروه ويحسن ذلك ، وبين أن يكلّف زمانا طويلا مثل ذلك؟
فإذا قال : إذا كان البيان في الأصول فهو يتمكّن من معرفته.
قلنا : أوليس هذا المخاطب إلى أن يتأمّل الأصول ، ويقف على البيان مكلّف الاعتقاد المجمل الّذي ذكرتموه على وجه حسن؟ ولا بدّ من زمان مقصور لا يمكنه معرفة المراد فيه ، لأنّ تأمّل الأصول والرّجوع إليها حتّى يعلم حصول البيان فيها أو خلوّها منه ، لا بدّ فيه من زمان قصر أو طال ، وإذا جاز أن يخاطب بما لا يتمكّن من معرفة المراد به في قصير الزّمان جاز في طويله.
على أنّا قد ألزمناهم إذا قالوا إنّه متمكّن من المراد به بالرّجوع إلى الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بتأمّل الأصول ، أن يجوز وأن يكون متمكّنا من ذلك بالرّجوع إليه تعالى ، ولا فرق بين الأمرين.
وبعد ذلك ، فإذا كان الخطاب يحسن بالمجمل وفي الأصول بيانه متى تأمّل ، وكذلك إذا عوّل به على بيان الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يحسن أيضا ، فأيّ فرق بين ذلك وبين خطاب العربي بالزّنجيّة؟ أو ليس الموضعان متساويين في أنّ المراد في حال الخطاب غير مفهوم؟
فإن قلتم : الفرق بينهما أنّ الخطاب بالزّنجيّة لا طريق إلى العلم بالمراد به ، وهاهنا إلى العلم بالمراد طريق ، أمّا بالنّظر في الأصول ومعرفة البيان منها ، أو بالرّجوع إلى بيان الرّسول.
قلنا لكم : فأجيزوا أن يخاطبه بالزّنجيّة ويعوّل به على سؤال من يعرف الزّنجيّة في تفسير ذلك وبيان الغرض فيه ، أو يعوّل به على أن يتعلّم لغة الزّنج ، فذلك ممكن له وسهل عليه ، كما يخاطبه من المجمل بما لا يفهم المراد به وعوّل به على تصفّح