قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    العدّة في أصول الفقه [ ج ٢ ]

    العدّة في أصول الفقه [ ج ٢ ]

    44/417
    *

    الأصول والنّظر فيها حتّى يعثر على البيان ، فإن كان ما قلتموه تمكينا من العلم ، فالّذي ألزمناكم أيضا تمكين ، ولا شبهة على عاقل في قبح الخطاب بالزّنجيّة لما ذكرنا حاله ، وهو نظير ما ذهبوا إلى جوازه.

    وممّا يدلّ أيضا : على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة ، قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها تَسُرُّ النَّاظِرِينَ. قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا وَإِنَّا إِنْ شاءَ اللهُ لَمُهْتَدُونَ. قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوها وَما كادُوا يَفْعَلُونَ)(١).

    ووجه الدّلالة من الآية (٢) : «أنّه تعالى أمرهم بذبح بقرة هذه الصّفات كلّها لها (٣) ، ولم يبيّن ذلك في أوّل الخطاب حتّى سألوا عنه ، وراجعوا فيه ، واستفهموه ، فبيّن لهم المراد شيئا بعد شيء ، وهذا يدلّ على جواز تأخير البيان (٤).

    فإن قالوا (٥) : لم زعمتم أنّ الصّفات المذكورة كلّها في البقرة الأولى الّتي أمروا في الخطاب الأوّل بذبحها؟ وما أنكرتم أن يكونوا أمروا في الخطاب الأوّل بذبح بقرة من عرض البقر من غير اشتراط هذه الصّفات؟ فلو (٦) ذبحوا بقرة من غير أن تكون

    __________________

    (١) البقرة : ٦٧ ـ ٧١.

    (٢) بداية لفقرة طويلة ينقلها المصنّف من كتاب «الذريعة إلى أصول الشّريعة» للشّريف المرتضى ـ رحمه‌الله ـ مع تصرّف بسيط منه فيها ونحن نشير في الهامش إلى اختلاف النصّين.

    (٣) في المصدر : أمرهم بذبح بقرة لها هذه الصفات المذكورة كلّها ولم يبيّن في أوّل وقت الخطاب ذلك.

    (٤) في المصدر : وهذا صريح في جواز تأخير البيان.

    (٥) في المصدر : فإن قيل.

    (٦) في المصدر : فلو امتثلوا وذبحوا أيّ بقرة اتّفقت.