الرّسول عليهالسلام ، والرّجوع في تفصيل ذلك إليه ، وإذا جاز أن يخاطبنا (١) بما لا يفهم تعويلا على أنّا نعرف المراد من جهة غيره ، وإلّا جاز أن يخاطبنا بذلك ويعوّل بنا على الرّجوع إليه في معرفة البيان.
فإن فرّقوا بين الأمرين بأن يقولوا : إذا كان البيان عند الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وخاطبنا بالمجمل ، فنحن متمكّنون من العلم بالمراد.
قلنا : وإذا خاطبنا بالمجمل ، وعوّل بنا على مسألتنا (٢) عن بيانه والرّجوع إليه في تفصيله ، فنحن أيضا متمكّنون من العلم بالمراد ، ولا فرق بين الأمرين وقد استويا في أنّ البيان لم يقترن بالخطاب ، وإنّما التّعويل فيه على الرّجوع إلى مترجم ومبيّن ، فأيّ فرق بين أن يكون ذلك المبيّن هو الله تعالى أو رسوله؟
فإن قال : ما ذكرتموه يقتضي أن يكون ذلك عبثا ، لأنّه طوّل زمان المعرفة بغير فائدة ، وقد كان قادرا بدلا من أن يخاطبه بالمجمل ثمّ يلزمه سؤال عن معناه فيبيّن له ، أن يبتدئ ببيان ذلك له.
قلنا : فالآن كان ما ذكرتموه وأجزتموه أيضا عبثا ، لأنّه كان قادرا على أن يخاطبه مقترنا بالبيان ولا يكلّفه الرّجوع إلى الرّسول عليهالسلام ومعرفة المراد ، لأنّه تطويل للبيان وطريق المعرفة.
فإن قلتم : هذا التّطويل يمكن أن يتعلّق به مصلحة.
قيل لكم : فيما أنكرتم مثل ذلك؟
وممّا يضيّق عليهم الكلام ، أنّهم يجيزون أن يخاطب بالمجمل ويكون بيانه في الأصول ، ويكلّف المخاطب الرّجوع إلى الأصول فيعرف المراد.
فإذا قيل لهم : ما الّذي يجب أن يعتقد هذا المخاطب إلى أن يرجع إلى الأصول فيعرف المراد؟
__________________
(١) يخاطبه.
(٢) في الأصل : مسألته.