يعلم بالسّمع كما يصحّ أن يعلم بالعقل ، وغير ذلك ممّا يقدح فيما قدّمناه.
فأمّا ما لا يعلم إلّا بالسّمع فعلى أضرب :
منها : ما تتعلّق به الأحكام من سبب أو علّة من قال بإثبات العلل.
ومنها : ما هي أدلّة على الأحكام.
ومنها : ما يتعلّق بذلك من شروطه وفروعه وأوصافه.
وكلّ ذلك لا يصحّ أن يعلم إلّا بالسّمع.
فأمّا الأحكام : فنحو الإباحة الشرعية ، نحو ذبح البهائم وغير ذلك عند من قال إنّ الأشياء على الإباحة.
فأمّا على ما نذهب إليه من الوقف ، وعلى مذهب من قال إنّها على الحظر ، فجميع المباحات ـ لأنّ الطريق إلى العلم بها السّمع لا غير ـ وكذلك القبائح الشّرعيّة نحو شرب الخمر ، ونحو الأكل في أيّام الصّوم ، ونحو الرّبا وما شاكلها ، فإنّ جميع ذلك لو لا السّمع لما علم قبحها على طريق القطع.
فأمّا القتل والظّلم : فمعلوم بالعقل قبحه.
وأمّا ما يستفاد بالسّمع : نحو ما يحسن من الآلام والقتل ، وهو ما كان قودا أو غيره ، ونحو جهاد الكفّار وغير ذلك.
وأمّا ما يقبح من البياعات وغيرها : فما يقف التّمليك فيها على شروط لا تعرف إلّا بالشّرع فشرعي ، وما لم يكن كذلك فهو ممّا يعلم بالعقل وبالعادة.
وأمّا ما رغّب فيه الشّرع (١) : فهو كلّ فعل لو لا الشّرع لكان قبيحا كالصّوم والصّلاة وما شاكلهما.
فأمّا الإحسان : فإنّه يعلم بالعقل أنّه ندب ، إلّا ما ورد الشّرع به على أوصاف يرجع إليه أو إلى المعطي.
وأمّا الواجب الشّرعي : فهو كلّ ما لو لا دليل السّمع لم يعلم وجوبه على الوجه الّذي وجب عليه وكان قبيحا ، وذلك نحو الصّوم ، والصّلاة ، والزّكاة.
__________________
(١) في الأصل : بالشّرع.