الشّيطان يأتي أحدكم فينفخ بين أليتيه فيقول أحدثت أحدثت فلا ينصرفنّ حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا» (١) ، فبقاه على الحال الأولى.
وأيضا : فقد اتّفقوا على أنّ من تيقّن الطّهارة ثمّ شكّ في الحدث ، أنّ عليه أن يستصحب الحال الأولى ، فينبغي أن يجعل ذلك عبرة في نظائره.
واعترض ذلك من نفى القول به بأن قال (٢) : إنّما قلنا في هذين الموضعين لقيام دليل وهو قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتسويته بين الحالين ، وكذلك الاتّفاق على أنّ حال الشكّ في الحدث مثل حال يقين الطّهارة فلا شكّ معها ، فنظير ذلك أن يقوم في كلّ موضع دليل على أنّ الحالة الثانية مثل الحالة الأولى حتى يصير إليه.
والّذي يمكن أن ينصر به طريقة استصحاب الحال ما أومأنا إليه من أن يقال :
لو كانت الحالة الثّانية مغيّرة للحكم الأوّل لكان على ذلك دليل ، وإذا تتبّعنا جميع الأدلّة فلم نجد ما فيها ما يدلّ على أنّ الحالة الثانية مخالفة للحالة الأولى ، دلّ على أنّ حكم الحالة الأولى باق على ما كان.
فإن قيل : هذا رجوع إلى الاستدلال بطريقة النّفي ، وذلك خارج عن استصحاب الحال؟
قيل : الّذي نريد باستصحاب الحال هذا الّذي ذكرناه ، فأمّا غير ذلك فليس يكاد يحصل غرض القائل به.
وهذه الجملة كافية في هذا الباب.
__________________
(١) نحوه في الجامع الصّغير ١ : ٣١٠ حديث رقم ٢٠٢٧ عن مسند أحمد وأبي يعلى ، وفي كنز العمّال ١ : ٢٥١ ـ ٢٥٢ حديث رقم ١٢٦٩ ، ١٢٧٠ ، ١٢٧١. انظر أيضا المصادر الواردة في ذيل التّعليقة رقم (١) صفحة ٧٥٥.
(٢) راجع المصادر الواردة في ذيل التّعليقة رقم (١) صفحة ٧٥٥.