في أحدهما بحكم الأخرى بلا دليل؟
ولأنّه لا فرق بين من عوّل في ذلك على ما قالوه ، وبين من عوّل في حمل مسألة على أخرى ، على أن قال إنّها مثلها من غير أن يبيّن فيها علّة توجب الجمع بينهما ، وذلك ظاهر البطلان.
قالوا : والّذي يكشف عن ذلك أنّ الّذي لأجله قلنا في الحالة الأولى ما (١) قلناه ، إنّما كان للاتّفاق (٢) أو لدليل (٣) دلّ على ذلك ، وذلك مفقود في الحالة الثانية ، [فيجب أن لا يكون حكمها حكم الأولى ، بل كان يجب أن لا يقول في الثانية](٤) إلّا بما يقوم عليه دليل كما قلناه في الأولى ، وذلك يبطل استصحاب الحال.
وقولهم : «إنّا على ما كنّا عليه» ، ليس بدليل على الحالة الثانية حال اجتهاد عند من قال بذلك ، والحالة الأولى متّفق عليها لا يجوز فيها الاجتهاد.
فإن قالوا : إنّ حدوث الحوادث لا يغيّر الأحكام الثّابتة ، ولم يحصل في الحال الثّانية إلّا حدوث حادث ، فيجب أن لا يزيل الحكم الأوّل إلّا بدليل.
قيل : إنّ حدوث الحوادث إنّما لا يؤثّر في ثبوت الحكم إذا كان الدّليل قد اقتضى دوامه ، فأمّا إذا اقتضى إثباته في وقت مخصوص فطروّ الوقت الثّاني يقتضي زوال حكمه لا محالة.
على أنّ كلّ الحوادث وإن كانت لا تؤثّر في الحكم الثّابت ، فإنّ الحوادث الّتي اختلف النّاس عند حدوثها في بقاء الحكم الأوّل عندها مؤثّر في ذلك ، لأنّ الاتّفاق قد زال عند حدوثه ، فعلى من استصحب الحكم الأوّل دليل مبتدأ ، كما أنّ على المنتقل عنه دليل مبتدأ.
واستدلّ من نصر استصحاب الحال بما روي عن النّبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : «إنّ
__________________
(١) بما.
(٢) في الأصل : الاتّفاق.
(٣) دليل.
(٤) ليس في الحجرية.